وأتهمارة تحريف يتا أمر، وهو اسم كثير من ملوك سبأ.
وقد ازدهرت سبأ بمكانها على طريق التجارة بين الشرق والغرب، فكانت تجارة الهند تنقل في البحر إلى عمان، ثم تحمل في البر إلى البحر الأحمر، حيث تسير في السفن إلى مصر، ولكن صعوبة السير في البحر الأحمر عدلت بالتجارة إلى البر، فصارت التجارة تنقل من شبوت في حضرموت إلى مأرب حاضرة مملكة سبأ (مريابة)، ثم إلى مكة (مكرابة)، ثم بطرا فغزة.
فلما تغير طريق التجارة، وكان هذا في القرن الأول الميلادي فيما يظن، اضمحلت سبأ وتفرق سكانها. وفي القرآن الكريم ذكر سبأ، وعمران بلادهم، وسيرهم بالتجارة إلى الشام، ثم خراب ديارهم:
لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عل يهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور * وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين .
والقرى التي بورك فيها هي الشام، فقد كانت القرى ومظاهر العمران متصلة بين اليمن والشام.
حمير :
كانت حمير وإمارات أخرى في اليمن تحارب سبأ بين الحين والحين، فاستطاعت سبأ أن تقضي على بعضها، وثبتت حمير حتى اضمحلت سبأ، فخلفتها في القسم الجنوبي الغربي من اليمن، بين أرض سبأ والبحر، وقد امتد سلطانهم على قبائل العرب في الشمال إلى القرن الخامس، ولكن حمير لم تبلغ من الغنى وبسطة السلطان مبلغ سبأ، وقد عرضها مكانها على البحر لهجوم الحبش؛ حاول بعض ملوك الحبش أن يملك اليمن في القرن الثاني، وتمكن ملك آخر من أخذ بعض مدائنها في أواخر القرن الثالث، ثم أخرج الحميرون عدوهم من ديارهم، حتى إذا كان القرن الرابع تنصر الحبش وأيدهم الرومان على حمير، فملكوا اليمن إلى سنة 374، ثم أديل للحميريين مرة أخرى. وفي القرن السادس تهود تبع ذو نواس، وأراد إكراه نصارى اليمن على التهود، فلما أبوا أوقع بهم تقتيلا وتحريقا، ويقال إنها الواقعة التي ذكرت في القرآن في سورة البروج:
قتل أصحاب الأخدود
الآية. فحمي الحبش لإخوانهم نصارى اليمن، وأرسلوا جيوشهم، فاستولت على البلاد، وتولاها أبرهة قائد الحبش، وهو صاحب قصة الفيل المذكورة في القرآن، وكانت حول سنة 570م. ثم استنصر سيف بن ذي يزن كسرى أنوشروان ملك الفرس (531-579)، فأمده بجيش فارسي حملته السفن إلى عمان، ثم سار في البر حتى لقي جند الحبش، فتعاون العرب والفرس، وأزالوا سلطان الأحباش عن اليمن، وجاء الإسلام واليمن في حوزة الفرس.
وفي الكتب العربية خلط ملوك سبأ وحمير وشوب تاريخهم بكثير من الخرافات.
Неизвестная страница