308

على مضمر قد حذف للإيجاز ، والإشعار بأنه أمر محقق غني عن التصريح به. أي فظلموا بأن أكثروا من التضجر والتذمر على ربهم وشكوى سكناهم في البرية وفراقهم مصر. وما ظلمونا بذلك ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، بالعصيان. إذ لا يتخطاهم ضرره وبذلك حق عليهم العذاب الذي ضربوا به كما ذكرناه.

** القول في تأويل قوله تعالى :

( وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58) فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ) (59)

( وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ).

هذا إشارة إلى ما حل ببني إسرائيل لما نكلوا عن الجهاد ودخولهم الأرض المقدسة أرض كنعان لما قدموا من بلاد مصر صحبة موسى عليه السلام ، وإنما أطلق على الأرض المذكورة قرية ، لأن القرية : كل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قرارا. وتقع على المدن وغيرها كذا في كفاية المتحفظ ثم إن ما قص هنا ذكر في سورة المائدة في قوله تعالى : ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمت الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) [المائدة : 20] الآيات :

وقوله تعالى : ( ادخلوا الباب سجدا ) في التأويلات : يحتمل المراد من الباب حقيقة الباب ، وهو باب القرية التي أمروا بالدخول فيها. ويحتمل من الباب القرية نفسها ، لا حقيقة الباب كقوله ( وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية ) ذكر القرية ولم يذكر الباب وذلك في اللغة جائز. (ويقال : فلان دخل في باب كذا ، لا يعنون حقيقة الباب ، ولكن كونه في أمر هو فيه).

وقوله ( سجدا ) يحتمل المراد من السجود : حقيقة السجود. فيخرج على

Страница 311