Махасин ат-Та'виль
محاسن التأويل
Жанры
كانت جميع الأمم تجهلها ، بطريقة لا تقف عثرة في سبيل إيمان أحد به ، في أي زمن كان ، مهما كانت معلوماته. فالناس قديما فهموا أمثال هذه الآية بما يوافق علومهم ، حتى إذا كشف العلم الصحيح عن حقائق الأشياء ، علمنا أنهم كانوا واهمين ، وفهمنا معناها الصحيح. فكأن هذه الآيات جعلت في القرآن معجزات للمتأخرين ، تظهر لهم كلما تقدمت علومهم ...! وأما المعاصرون للنبي صلى الله عليه وسلم ، فمعجزته لهم : إتيانه بأخبار الأولين ، وبالشرائع التي أتى بها ، وبالمغيبات التي تحققت في زمنه ... وغير ذلك ، مع علمهم بصدقه وحاله ، وبعده عن العلم ، والتعلم بالمشاهدة والعيان. فآيات القرآن بالنسبة لهم بعضها معناه صريح لا يقبل التأويل ، وفيها بيان كل شيء مما يحتاجون إليه ، والبعض الآخر يقبل التأويل ، وتتشابه عليهم معانيه لنقص علومهم. وهذا القسم لا يهمهم كثيرا ، فإنه خاص بعلوم لم يكونوا وصلوا إليها ، وهو معجزات للمتأخرين يشاهدونها ، وتتجلى لهم كلما تقدموا في العلم الصحيح. قال تعالى : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) [آل عمران : 7] ، أي : لها معان كثيرة يشبه بعضها بعضا ، وتتشابه عليهم في ذلك الزمن ، فلا يمكنهم الجزم بالصحيح منها : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ) بتشكيك الناس في دينهم بسببه ( وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله ) في زمنهم لنقص علمهم ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) [الإسراء : 85]. ( والراسخون في العلم يقولون ... ) إلخ ، فإذا جعل قوله تعالى ( والراسخون ) معطوفا على لفظ الجلالة كان المعنى : أن تأويله لا يعلمه أحد في جميع الأزمنة إلا الله والراسخون في العلم يعلمونه ، وإذا كان لفظ ( والراسخون ) مستأنفا كان المعنى : أن الراسخين في العلم في زمنهم لا يعلمون تأويله كما قلنا وإنما يؤمنون به لظهور الدلائل الأخرى لهم على صدق النبي ، ويفوضون علم هذه الأشياء إلى المستقبل من الزمان ، كما نفوض الآن نحن ، مسألة رجم الشياطين بالشهب ، للمستقبل ونؤمن بالقرآن لثبوت صدقه بالدلائل الأخرى القطعية» بحروفه.
* بيان
أن الصواب في آيات الصفات هو مذهب السلف
قد بسط الكلام في أن مذهب السلف هو الحق غير واحد من الأئمة الأعلام. وهو ، وإن كان غنيا في نفسه عن إقامة البرهان ، فقد رأينا أن نورد شذرة مما يؤيد
Страница 213