Махасин
المحاسن والمساوئ
قال: وكان أعرابي بالبصرة في بيت فكان إذا خرج استوثق على غلق بابه فيظن جيرانه أن له مالًا فقال:
ليس إغلاقي لبابي أن لي ... فيه ما أخشى عليه السرقا
إنما أغلقه كي لا يرى ... سوء حالي من يمرّ الطرقا
ليس لي فيه سوى باريةٍ ... وبلى أغلَقْتُ لِبدًا خَلَقا
منزلٌ داخله الفقر فلو ... دخل السارق فيه شرِقا
ولآخر:
يبيت يراعي النجم من جوع بطنه ... ويصبح يُلقى ضاحكًا متبسما
ولآخر:
وعاقبة الصبر الجميل جميلةٌ ... وأحسن أخلاق الرجال التفضّل
ولا عار أن زالت على المرء نعمةٌ ... ولكن عارًا أن يزول التجمّل
ولآخر:
كم من فقيرٍ بعد جهدٍ وحاجةٍ ... هو اليوم محسودٌ وقد كان يُرحم
ولآخر:
قد يكثر المال يومًا بعد قلته ... ويكتسي الغصن بعد اليبس بالورق
ولآخر:
كم من غنيٍّ رأيت الفقر أدركه ... ومن فقيرٍ غنيًا بعد إقلال
ولآخر:
كم من غني كان بالمال مثريًا ... هو اليوم مرحومٌ وقد كان يُحسد
ولآخر:
كم من فتىً كان ذا ثروةٍ ... رمته الحوادث حتى افتقر
ولآخر:
إذا كان جدُّ المرء في الشيء مقبلًا ... تأتت له الأشياء من كل جانب
وإن أدبرت دنياه عنه توعرت ... عليه وأعيته وجوه المطالب
وإن قلّ مال المرء أقصاه أهله ... وأعرض عنه كلّ إلفٍ وصاحب
وكذّبه الأقوام في كلّ منطقٍ ... وإن كان فيه صادقًا غير كاذب
ولآخر:
متى ما يرى الناس الفقير وجاره ... يقولون هذا عاجزٌ وجليد
وليس الغنى والفقر من حيلة الفتى ... ولكن أحاظٍ قسّمت وجدود
وقال عبد الأعلى القاضي: الفقير مرقته سلقة ورداؤه علقة وسمكته شلقة.
ولآخر:
من كان ذا مالٍ كثيرٍ فلم ... يقنع فذاك الموسر المقتر
الفقر في النفس وفيها الغنى ... وفي غنى النفس الغنى الأكبر
وكتب بعضهم يستميح بعض الأغنياء:
هذا كتاب فتىً أزرى الزمان به ... قد كاد تنفطر الأضلاع من هممه
شطّت منازله عنه وضعضعه ... ريب الزمان فأبدى الضعف في كلمه
يذري الدموع بعينٍ غير جامدةٍ ... طورًا بدمعٍ ويبكي تارةً بدمه
أضحى ببابك محزونًا له أملٌ ... يرجو بجودك أن يفتكّ من عدمه
يا ذا المقدّم في الأفعال من كرمٍ ... أنت المداوي صريع الدهر من سقمه
ولآخر:
خُلقٌ واسعٌ ومالٌ قليل ... واعتداءٌ من الزمان طويل
ما احتيال الفتى بدولة دهرٍ ... وعليه النائبات تدول
كلما رام نهضةً أقعدته ... عائلات من الزمان تعول
فيمن أثرى بعد الفقر أٌنشد لرجل من المحدثين:
لئن كنتَ قد أُعطيتَ خزًّا تجرّه ... تبدّلته من فروةٍ وإهاب
فلا تُعجبن أن تملك الناس إنني ... أرى أمّةً قد أدبرت لذهاب
ولآخر:
تاه على إخوانه بالغنى ... فصار لا يطرف من كبره
أعاده الله إلى حاله ... فإنه يحسن في فقره
ولآخر دعبل:
عطاياه تغدو على سابحٍ ... وطورًا على بغلةٍ ندبه
فلو خُصّ بالرزق بخل الكرا ... م ما نال خيطًا ولا هدبه
ولكنه الرزق ممن يعي ... ش في رزقه الكلب والكلبه
ولآخر:
كنت إذ كنتَ عديمًا ... لي خلًا ونديما
ثم أثريت فأعرض ... ت ولم ترع قديما
صار ما نلت من الما ... ل لنا ذنبًا عظيما
هكذا يفعل بالإخ ... وان من كان كريما
ولآخر:
صحبتك إذ أنت لا تُصحب ... وإذ أنت لا غيرك الموكِب
وإذ أنت تفرح بالزائرين ... ونفسُك نفسَك تستحجب
وإذ أنت تكثر ذمّ الزمان ... ومشيك أضعاف ما تركب
1 / 131