150

Маганим

المغانم المطابة في معالم طابة

Издатель

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Жанры

وعَظَمتِه في صدره، ولهذا يستخف الملوك بمن خاطبهم وهو يُحِدُّ النَّظَرَ إليهم، بل يكون خافضَ الطَّرْفِ إلى الأرض، مخبرًا عن كمال أدب رسوله ﷺ في ليلة الإسراء ﴿مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ (^١). وهذا غاية الأدب، فإنَّ البصر لم يَزِغْ يمينًا ولا شمالًا، ولا طمح (^٢) متجاوزًا ما هو رائيه ومقبلًا (^٣) عليه بالتَّشَاوُفِ (^٤) إلى ما وراء ذلك، ولهذا أُسند النهي والوعيد للمصلي أن يرفع بصرَه إلى السماء، وهُدِّد بخَطْفِ البصر (^٥). ومنها: المواظبة على الصلاة والتسليم، فإنَّ من علامات المحبِّ كثرةَ ذكر المحبوب، واللَّهَجَ بذِكْرِه وحديثه، ومَنْ أحبَّ شيئًا أكثر ذِكْرَه بقلبه ولسانه، ولأجل ذلك أَمرَنا الله تعالى بذكره في أخوف الأحوال، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الذينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (^٦). وأفضل أنواع الذكر أنْ يَحْبِسَ المُحِبُّ لسانهَ على ذكر حبيبه، ثم يحبسَ قلبَه على لسانه، ثم يحبسَ قلبَه ولسانَه على شهودِ مذكورهِ. وكما أنَّ الذِّكْرَ من نتائج الحبِّ، فالحبُّ أيضًا من نتائج الذكر، فكل منهما يثمر الآخر، فافهم ذلك، فإنك إذا فهمته لم يبرحْ لسانك رطبًا بالصلاة

(^١) سورة النجم آية رقم: ١٧. قال القرطبي: ﵀ قيل: لم يمد بصره إلى غير ما رأى من الآيات. وهذا وصف أدب النبي ﷺ في ذلك المقام؛ إذ لم يلتفت يمينًا ولا شمالًا. الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ٩٧ - ٩٨. (^٢) طَمَحَ بصره إليه: ارتفع. القاموس (طمح) ص ٢٣٢. (^٣) في الأصل: (مقبلٌ). (^٤) تشوَّف إلى الخبر: تطلع. القاموس (شوف) ص ٨٢٦. (^٥) أخرجه البخاري، في الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، رقم:٧٥٠. (^٦) سورة الأنفال آية رقم:٤٥.

1 / 151