Понимание научного метода
مفهوم المنهج العلمي
Жанры
اقترن العصر الحديث في أوروبا واقترنت الحداثة برفض السلطة المعرفية على الإنسان وأن يستقل بنفسه. العقل والحواس وسائل يملكها الإنسان لاكتساب المعرفة، والتوصل إلى الحقائق وتمييزها عن الباطل، ولا حاجة إلى سلطة تدله عليها، إنها الثقة في الإنسان التي فتحت الباب لإعلاء الفردية والمبادرة والاستقلال والحرية والمسئولية، وتأدت إلى العلمانية ومنظومة القيم الليبرالية، وذلك بتفاعلها مع متغيرات الواقع الأوروبي آنذاك، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وصعود الطبقة البرجوازية.
لقد بدت العقلانية التجريبية التي يجسدها مفهوم المنهج العلمي قوة تدفع الإنسان إلى التحرر الشامل، غير المقتصر على المفهوم الليبرالي: دعه يعمل، دعه يمر. إنها تعني حرية العقل والفكر والقول والفعل. يتم البحث العلمي عبر مرحليات مفتوحة، تنتهي إلى وضع النظرية أو القانون. وفي هذه المرحليات جميعا لا خضوع لأية سلطة زمنية أو روحية. وتأتي حصائلها لتفتح أمام الإنسان آفاق الأمل في معرفة، يستطيع عن طريقها أن يحرر نفسه ويحرر الآخرين من أعداء الحرية العتاة: الجهل والبؤس والعبودية والفقر والمرض والعجز أمام قوى الطبيعة الغاشمة، تحدوه عقيدة متفائلة مفادها أن «العلم الإنساني والحرية سوف يتقدمان متآزرين ، ليدخلا حيزا لإمكانية كمال إنساني غير محدود».
6
إن المنهج العلمي طريق العلم، طريق الحرية، طريق التقدم المتوالي، طريق الحداثة. •••
على أن الحداثة الأوروبية التي تمخضت قواها عن استغلال وظلم في الداخل، واستبدال طبقة العمال بطبقة عبيد الأرض، وفي الخارج عن جرائم استعمارية تقشعر منها الأبدان، لم تكن محض فيحاء الحرية والمدينة المثالية واليوتوبيا السرمدية، ولا توجد تجربة إنسانية هكذا. إن سلبيات ومثالب وجرائم الحداثة معروفة جيدا، مشهورة ومذكورة، وقد طرحتها تيارات ما بعد الحداثة وما بعد الاستعمارية على الملأ الأعلى، أو ببساطة فضحتها، ونحن الذين عانينا الأمرين من جرائم الاستعمارية والإمبريالية، لسنا في حاجة لانتظار جهود كشف وفضح لسلبيات الحداثة. على أية حال، الإيجابيات عظيمة شاهقة وثمة سلبيات، في القرن الثامن عشر تبلورت الإيجابيات والسلبيات في ذروة المد الحداثي، وهو ما يعرف بعصر التنوير.
يتمثل التنوير الأوروبي في المقولات الجوهرية المعروضة آنفا: العقلانية والتجريبية واستقلال الإنسان والفردية والحرية والتقدم، بعبارة موجزة، يتمثل التنوير في مفهوم المنهج العلمي ومتوالياته، التي تبدو إيجابيات ناصعة.
وكما اتفقنا، المنهج العلمي آلية مفطورة في العقل، ملك للبشر أجمعين، مشترك إنساني عام، ولكن درجة وحدود تفعيله حجم وطبيعة ونواتج هذا التفعيل ... باختصار متوالياته تختلف من حضارة لأخرى. كانت الحداثة الأوروبية تفعيلا متعاظما لمفهوم المنهج العلمي، بدرجة فاقت بها العالمين، وعرفت كيف تستغل متوالياته المتعاظمة بدورها لكي تسود الأرضين، وذلك فيما عرف بالمد الاستعماري، الذي يرسم بسلبياته قبل إيجابياته تاريخ العالم الحديث.
على مستوى الفكر تبلورت متواليات مفهوم المنهج العلمي في عقيدة عصر التنوير، وعلى مستوى الواقع تكاثفت متوالياته ونواتج ممارساته المقننة في الثورة الصناعية المواكبة، التي جعلت الاستعمار لازمة لأوروبا، من أجل حماية الإنتاج بالجملة وضرورة تأمين طرق التبادل التجاري العالمية، وورود المواد الخام من الدول البعيدة المتخلفة الفقيرة، التي لا بد أن تظل هكذا لا تصنع ولا تنتج؛ لتبقى سوقا لمنتجات المصانع الأوروبية.
هنا ارتد مفهوم التنوير الأوروبي إلى مقولة حق يراد بها باطل: طريق التقدم هو طريق العلم والعقل والحرية، وهذا الطريق قطعه باقتدار وامتياز إنسان الحضارة الأوروبية الحديثة، الرجل الأبيض، ومن حقه ومن واجبه أن يفرضه على الشعوب المتخلفة طوعا أو كرها، ليغدو الاستعمار حقا وواجبا.
مع الاستعمارية تعاظم شأن الحضارة الأوروبية وحداثتها وثقافتها إجمالا، حتى تربعت على عرش العالمين فيما عرف بالمركزية الأوروبية
Неизвестная страница