Понимание научного метода
مفهوم المنهج العلمي
Жанры
نفس آمنة في أفق رحيب.
المقدمة
مفهوم المنهج العلمي في طليعة المفاهيم، التي يمثل استيعابها وتوظيفها وعدا حضاريا أكيدا؛ فكان مفهوما يتبوأ موقعه المرموق في الخطاب المعرفي والثقافي معا، ويراد له عن حق التوطين والتفعيل. المنهج العلمي باختصار أنجح آلية امتلكها العقل في مواجهة الواقع والوقائع، فيما يجسد نواتجها العملاق الماثل: العلم، أروع تجليات العقلانية في الحضارة الإنسانية، وأشدها إثباتا لحضور الإنسان؛ الموجود العاقل في هذا الكون، وقد بات العلم الحديث من أقوى العوامل الفاعلة الموجهة، بل المشكلة للفكر وللواقع معا، وفي النهاية يمكن القول دائما إن العلم أنجح مشروع ينجزه الإنسان.
مفهوم «المنهج» في حد ذاته يعني الطريق الواضح والطريقة الناجزة، و«المنهج العلمي» تمثيل وتجريد للعقلية العلمية والتفكير العلمي، لطريق العلماء في بحوثهم وطريقتهم في إنجاز كشوفهم، والإضافة إلى نسق العلم طابقا فوق طابق. وكما أكدنا مرارا، مهما تمخضت مسالك العلماء في النهاية - أو في تطبيقاتها - عن إنجازات تلغي الزمان والمكان، كالسفر بسرعة الصوت والتواصل بسرعة الضوء، غزو الفضاء والذرة، فك شفرة الحياة ولغز الثقوب السوداء، التحكم في النانو تكنولوجي وبه، تحويل مجاري الأنهار واخضرار الصحارى، هندسة الموروثات ومقاومة الأوبئة ومداواة العاهات الجسدية والنفسية والاجتماعية ... إلى آخره، أو بالأحرى إلى غير آخر ... مهما تحققت إنجازات تتضاءل بجوارها معجزات الأساطير، سيظل المغزى الأعظم للمنهج العلمي هو أنه تجسيد لطريقة في التفكير والفعل سديدة مثمرة، يمكن تسخيرها في كل تعامل مع واقع متعين، وليس في البحث العلمي فحسب. أجل، يستقي المنهج العلمي أرومته من قلب معامل العلماء ومعترك كفاحهم الضاري والنبيل، لكنه يمكن أن ينصب في الواقع الثقافي كبلورة مستصفاة للتفكير المثمر الملتزم بالواقع والوقائع، بالانتقال من المشكلة لحلها، تعقيل السير نحو الهدف، التآزر بين العقل والحواس، تكامل القوى المعرفية التحليلية والاختبارية والنقدية والإبداعية معا ...
وسبيلنا الآن إلى تنضيد وتوصيف وتعريف هذا المفهوم النابض الشامخ، في مقاربات تحليلية وتتبعات تاريخية معا، تسفر عن رحلة مع العقل العلمي تمتد بطول التاريخ، ويتحاور فيها الشرق والغرب، نستهلها في الفصل الأول بعرض إيجابيات يحملها هذا المفهوم، قد تغري بخوض رحلة تعريفه والتعرف عليه. يتناول الفصل الثاني مفهوم «المنهج» أصلا، وكيف كان هاجسا ملازما للفلسفة، وكيف توالد عنه مفهوم محدد للمنهج العلمي. وتتوالى الفصول مبينة كيف نشأت فلسفة العلم، لتكون منشغلة أساسا بمفهوم المنهج العلمي، وكيف تطورت صياغته وتسير قدما نحو المزيد من النضج والفاعلية، وكيف سار مفهوم المنهج العلمي ذاته عبر التاريخ، وما الدور الذي قام به تراثنا في هذا الصدد، ثم ما الدور الذي قام به «المنهج العلمي» في خلق وتمثيل قصة الحداثة، وكيف تصاعدت منظورات مستجدة له أكثر خصوبة في ما بعد الحداثة، تمثيلا لما صاحب المفهوم بالانتقال من زمن الثورة الصناعية وصلابتها، إلى زمن الثورة المعلوماتية وسيولتها. ونصل في الختام إلى السؤال الأهم: كيف يمكن تفعيل المنهج العلمي وتوظيفه في واقعنا الحاضر وفي مستقبلنا.
هذه بعض تساؤلات كبرى تضوي تحت لوائها تساؤلات جانبية وفرعية، تتواتر مناقشاتها ومحاولات الإجابة عنها إبان مصاحبتنا لمفهوم المنهج العلمي، ومتابعة عقلانيته التجريبية، عبر الصفحات المقبلة.
يمنى الخولي
جامعة أحمد بلو، نيجيريا
26 ديسمبر 2014م
الفصل الأول
Неизвестная страница