196

============================================================

1130مفاتيح الآرار ومصابيح الايرار وقدره، لكن الخير أولى به. فهو هذى للناس عامة وهذى للمتقين خاصة. وسر آخر: أن فيه حكمين: حكما مفروغا وحكما مستأنفا. فالحكم المفروغ فيه أنه كامل، حق، وصدق، مفروخ عنه، لاريب فيه؛ وعالم المفروغ كله على نور اليقين الذي لاريب فيه؛ وإنما الريب في عالم المستأنف، حيث يكون فيه كامل وناقص، وحق وباطل، وصدق وكذب، وخير وشر. فذلك الكتاب المفروغ لاريب فيه؛ وهذا الكتاب المستأنف الذي ظهر به المفروغ، ونرى الحكم المفروغ فيه أيضا لاريب فيه. فإن قلت: ذلك بمعنى الاشارة إلى غائب، فهو الكتاب المفروغ: وإن قلت: ذلك بمعنى الإشارة إلى حاضر، فهو الكتاب المستأنف. وإنما المفروغ يرى في المستأنف كما أن الروح ترى في القالب، والمعنى يسمع بالعبارة، والروحاني يظهر في الجسماني، والمعقول يدرك في المحسوس. على أن المفروغ مفروغ والمستأنف مستأنف: لأن الحكمين ينبغي أن يجريا في المفروغ والمستأنف أيضا كما أجريا في سائر الموجودات والأحكام، وقدس الله تعالى روح من هدانا إلى هذا السر اللطيف!

قوله -جل وعز -: (هذى)1 الأصل في الهداية البيان وضدها الضلالة. قال الله تعالى: (واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين) ومحل هدى رفع على أنه خبر ابتداء محذوف، اي: هو هدي؛ والهدي مصدر عند سيبويه؛ وقيل: إنما هو اسم اجري مجري المصدر. قال ابواسحاق: موضعه نصب من وجهين: أحدهما: على أنه حال من الكتاب، وذوالحال الكتاب، كأنك قلت: هاديا، لأن "هدى" جاء بعد تمام الكلام. العامل فيه معنى الإشارة في "ذلك" -52آ-.

والثاني : على أنه حال من الهاء التي في "فيه"، أي لاريب فيه هاديا، والعامل فيه معنى ريب، أي لاريب في هدايته؛ والفراء يسمي الحال هاهنا قطعا. قال الزجاج: ويجوز أن يكون موضعه رفعا بوجهين: احدهما: أن يكون خبرا بعد خبر، أي ذلك الكتاب هذي، كما يقول: هذا حلوحامض.

1. فى الأصل: هنا بقية الآية والآية التالية إلى قوله ينفقون؛ واكتفيناهنا بالكلمة المفرة.

ليتهنل

Страница 196