Идеальный город на протяжении истории
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Жанры
فيصبحوا رجالا وضعاء يغذون خيالاتهم المريضة بإيقاع النساء العاديات من حبائلهم، وخيانتهن وإساءة معاملتهن وأحيانا بقتلهن. وبعد أن يبين لنا ولز بشكل درامي مخاطر اتخاذ أسماء مستعارة، نجده يطمئننا كذلك على أسرار حياتنا الشخصية التي تصونها الدولة. فالدولة وحدها، كما يقول، «هي التي ستطلع على أسرار الفرد الخفية. ولا شك في أن مثل هذا الكشف المنظم من جانب الحكومة كان سيبدو كابوسا بشعا كريها في نظر ليبرالي من القرن الثامن عشر، أو ليبرالي من النمط العتيق في القرن التاسع عشر، أي في نظر جميع الليبراليين المتشددين الذين تربوا على معارضة الحكومة من حيث المبدأ ... ولكن لنفترض أننا لا نسلم بأن الحكومة سيئة بالضرورة، وأن الفرد خير بالضرورة - مع العلم بأن الفرض الذي يعتمد عليه نظام حياتنا وتصرفاتنا يلغي البديلين معا من الناحية العملية - فإننا سنغير الموقف برمته. إن حكومة يوتوبيا حديثة لن تكون امتدادا للمقاصد الجاهلة التي تحكم العالم الحاضر ...»
ومع تقدم معرفتنا بيوتوبيا ولز الحديثة، يتبين لنا أن مخططه عن التسجيل الشامل لا يرجع فقط إلى ولعه الشديد بالملفات المفهرسة، وإنما هو، كما يقول، شيء أساسي لا غنى عنه لمشروعه اليوتوبي. فالدولة لن تكون قادرة على التحكم في سكان العالم إذا لم يكن تحت تصرفها مثل هذا الجهاز الآلي. ثم إنه شيء أساسي، ليس لتنظيم العمل فحسب، بل كذلك للتحكم في زيادة السكان وتحسين نوعية الناس. ويرفض ولز أن تتولى الدولة تربية السكان، وهو «الاقتراح الذي كان معقولا من جانب أفلاطون على ضوء المعرفة البيولوجية في عصره وطبيعة مذهبه الميتافيزيقي الذي اتخذ طابع المحاولة الخالصة، أما بالنسبة لأي إنسان يعيش بعد نظرية دارون، فهو اقتراح مناف للعقل تماما.» وإذا كان ولز يرفض الزواج الإجباري، فإنه يمنح الدولة الحق في مراعاة بعض الشروط العامة المحددة: «إن الدولة لديها مبرراتها حين تقول لك - قبل أن تضيف أطفالا جددا للمجتمع، وتعهد إليها بتعليمهم وإلى حد ما بإعالتهم - عليك أن تكون على مستوى معين من الكفاءة، وأن تبرهن على هذا بأن تكون في وضع مادي ميسور يكفل لك قدرا من الاستقلال في هذا العالم، كما يجب أن تكون قد بلغت من العمر سنا مناسبة، وحدا أدنى من التطور البدني، وأن تكون خاليا من الأمراض المعدية. كما يجب ألا تكون تلك سابقة في الإجرام، إلا إذا كنت قد كفرت بالفعل عن جريمتك.
وفي حالة الإخلال بهذه الشروط البسيطة، كأن تحاول أنت وغيرك أن تتآمر على الدول بزيادة عدد سكانها، فسوف نتولى، لأسباب إنسانية، أمر الضحية البريئة لعواطفك، ولكننا سنصر على أنك مدين للدولة بدين واجب السداد، حتى لو اقتضى الأمر استخدام القوة لاسترداده منك، لأن ضمانه في النهاية مرهون بحريتك، حتى إذا تكرر ذلك الأمر للمرة الثانية، أو ثبت عليك أنك أضفت المزيد من المرض أو البلاهة، فسوف نقوم باتخاذ إجراء فعال يضمن بشكل مطلق ألا ترتكب أنت وشريكتك هذا الإثم مرة أخرى.»
وعندما يفي المواطنون بالشروط التي وضعتها الدولة قبل السماح بالزواج، كالقدرة على كسب دخل معين، وبلوغ السن الضرورية (التي لا تقل عن واحد وعشرين عاما للنساء، وستة وعشرين إلى سبعة وعشرين للرجال) والحد الأدنى من النمو الجسماني، والخلو من الأمراض المعدية، تبارك الدولة زواجهم. وتؤدي بطاقة الدليل هنا دورا مهما، إذ «يتسلم كلا الطرفين المقترح زواجهما نسخة من بطاقة شريكه، مسجلا عليها عمره أو عمرها، والزيجات السابقة، وأهم الأمراض التي أصيب بها، وأبناؤه، ومحل إقامته، والوظائف العامة التي شغلها، وصحيفة سوابقه، والوثائق المسجلة بأملاكه وهلم جرا. ويستحسن إقامة احتفال صغير لكل شريط على حدة في غياب الشريك الآخر، يتلى فيه السجل في حضور الشهود، مع تقديم نوع من التضحية في شئون الزواج. ثم تقدر فترة معقولة لكلا الطرفين للتدبر في الأمر أو التراجع عنه. فإذا أصر الطرفان على قرارهما، يكون عليهما بعد انقضاء الفترة المحددة إبلاغ الجهات الرسمية المحلية التي تثبت ذلك في السجلات.» والرجال والنساء الذين يتجاهلون هذه الشروط قبل ارتباطهم، تتجاهلهم الدولة، إلا في حالة إنجاب أطفال غير شرعيين.
ومن حق الدولة أن تقرر بالتفصيل «الأمور التي تلزم الرجل أو المرأة بعد الزواج والأمور التي لا يمكن إلزامهما بها، لأن من المهم بالنسبة للدولة ألا تترك هذه الزيجات بغير ضوابط، وألا تكون عشوائية ولا شائعة بين البالغين من السكان، وذلك أولا لضمان سلامة المواليد، وثانيا لتأمين ظروف معيشية طيبة.» ولما كان الهدف من الزواج هو التناسل، فإن الزيجات العقيمة يصرح لها بالانفصام بعد مضي عدة سنوات، أما الزيجات التي تثمر أطفالا فيحق لها أن تستمر، ما دام الأطفال يربون في أفضل الظروف الممكنة عندما يكونون في رعاية الأسرة.
وتعتبر الأمومة في «يوتوبيا حديثة» إحدى الخدمات التي تقدمها الدولة، وتتلقى الأم منحة عند ميلاد الطفل. وتدفع الدولة لها أيضا على فترات منتظمة مبالغ مالية تكفل لها ولطفلها أن يعيشا في حالة اكتفاء. ويتخيل ولز نظاما غريبا للمكافآت تستطيع الدولة بمقتضاه أن تغدق المنح على الأسرة، عندما يظهر الطفل نوعا من التفوق الجسدي أو العقلي الذي يتجاوز الحد الأدنى المطلوب. والهدف من هذه الإجراءات هو جعل الأمومة الصالحة جديرة بالاقتداء، وإذا هبط مستوى الطفل دون الحد الأدنى من النمو الصحي والجسدي والعقلي، فيحق للدولة وقف هذه المكافآت.
وتبذل دولة ولز اليوتوبية كل ما في وسعها للتخلص من أصحاب المستويات المتدنية: «لأن منطق الطبيعة الذي يحكم بأن يقتل القوي الضعيف ببرود سيستعاض عنه بطرق وأساليب الإنسان الحديث.»
إن على المجتمع اليوتوبي أن يتخلص من البلهاء والمجانين، ومن الأشخاص الفاسدين والعاجزين والسكارى ومدمني المخدرات، والمصابين بأمراض معدية، واللصوص والمحتالين والمجرمين، ولكنه لن يطبق عقوبة الإعدام، ولن تكون هناك سجون في يوتوبيا. وسوف ترسل الدولة مواطنيها المنفيين إلى جزر بعيدة وراء المحيط، وتمنعهم من أن ينجبوا أطفالا، لأن النساء ستعزل عن الرجال، وستكون هناك جزر للرهبان وجزر أخرى للراهبات.
ويتطلب تعقد التنظيم اليوتوبي أسلوبا للحكم أعظم قوة وكفاءة مما يسمح به النظام الانتخابي. وكما أن طبقة الحراس في جمهورية أفلاطون هي التي تتولى مهمة الحكم، كذلك يعهد للساموراي
3
Неизвестная страница