Идеальный город на протяжении истории
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Жанры
ويسأل الزائر بعد ذلك عن الآراء الجديدة حول التعليم. وكان قبل ذلك قد سأل ديك الذي أعطاه إجابات غريبة، وبدا عليه أنه لا يعرف معنى كلمة مدرسة. «قال ديك: «مدرسة؟ ماذا تعني بهذه الكلمة؟ إنني لا أفهم كيف يمكن أن تكون لها أي علاقة بالأطفال. إننا نتكلم حقا عن مدرسة لأسماك الرنجة، ومدرسة للرسم، وربما تكلمنا بالمعنى السابق عن مدرسة للأطفال، ولكن فيما عدا هذا يجب أن أعترف بأنني جاهل».» وعندما حاول أن يشرح له أنه يستخدم الكلمة بمعنى نظام التعليم، لم يفهمه الشاب أيضا وقال: «التعليم؟ إنني أعرف من اللغة اللاتينية ما يكفي للقول بأن الكلمة مشتقة من الفعل
Educere (يقود أو يوجه) وقد سمعت من يستخدمها، ولكني لم أقابل أبدا أي شخص استطاع أن يشرح ما تعنيه بوضوح.» واستطرد يقول: «إن الأطفال يتعلمون سواء دخلوا نظام التعليم أو لم يدخلوه. أما عن التعليم من الكتب، فإن معظم الأطفال يرون الكتب ملقاة حولهم، ويقبلون على قراءتها منذ بلوغهم سن الرابعة، ولكننا لا نشجعهم على الكتابة في سن مبكرة، لأن هذا يعودهم على الكتابة بخط رديء.» واستنتج الزائر من هذه المحادثة أن الأطفال يتركون على سجيتهم ولا يتعلمون شيئا. وهكذا يقول للعجوز: ««لقد قمتم بتصفية التعليم، حتى لم يبق لديكم شيء منه.»
قال: «إذن فقد أسأت فهمي. ولكني أفهم بالطبع وجهة نظرك عن التعليم التي ترجع للعصور الماضية، عندما حول الصراع من أجل البقاء، كما اعتاد الناس أن يعبروا عنه (بمعنى الصراع من أجل قوت العبيد من ناحية، ومن أجل حصول ملاك العبيد على أكبر المزايا من ناحية أخرى) حول التعليم بالنسبة لمعظم الناس إلى جرعات ضئيلة من المعلومات التي تفتقر إلى الدقة، وجعله بالنسبة للمبتدئ في فن الحياة شيئا لا بد من بلعه سواء أراد ذلك أو لم يرد، وسواء أحس نحوه بالجوع أو لم يحس؛ وكانت النتيجة أن مضغه وهضمه المرة بعد المرة أناس لا يكترثون به لكي يقدموه بعد ذلك لأناس لا يكترثون به أيضا.»
أوقفت عضب الرجل العجوز، وقلت: «حسنا، إنك لم تتعلم بهذه الطريقة على أي حال، فخفف قليلا من غضبك.»
قال مبتسما: «حقا، حقا، وأشكرك على تهدئة انفعالي؛ فأنا دائما أتخيل نفسي وكأني أعيش في العصر الذي نتحدث عنه. ومع ذلك فلنتكلم بطريقة بعيدة عن الانفعال. لقد كنتم تحشرون الأطفال في المدارس عندما يبلغون السن التي اصطلحتم على اعتبار أنها هي السن المناسبة، وبصرف النظر عن قدراتهم واستعداداتهم المختلفة، ودرجتم أيضا - متجاهلين للحقائق - على إلزامهم بمقررات معينة بحجة تعليمهم. ألا ترى يا صديقي أن مثل هذا الإجراء يتجاهل حقيقة النمو الجسدي والعقلي؟ لم يخرج أحد من هذه الطاحونة بغير أذى، ولم يكن لأحد أن ينجو من تدميرها إلا الذين تسكنهم روح التمرد القوية. ومن حسن الحظ أن الأطفال في كل العصور يتمتعون بهذه الروح، ولولا هذا لما وصلنا إلى وضعنا الحاضر. وها أنت بنفسك ترى ما آلت إليه كل هذه الأمور. لقد جاء كل هذا في العصور القديمة من الفقر. كان المجتمع في القرن التاسع عشر، بسبب اللصوصية المنظمة التي قام عليها، قد وصل إلى حالة من البؤس والضنك الذي استحال معه أي تعليم حقيقي لأي إنسان، وكانت النظرية الكاملة لتعليمهم المزعوم هي العمل بكل وسيلة على إقحام معلومات هزيلة في عقل الطفل، حتى ولو كان ذلك عن طرق التعذيب، ومن خلال الثرثرة الحمقاء التي عرف الجميع تمام المعرفة أنها لا تجدي شيئا، وإلا فسوف يقضي حياته مفتقرا لأي معلومات، في وقت زحف فيه الفقر المدقع ولم يسمح بشيء آخر. لكن هذا كله أصبح جزءا من الماضي. لم نعد نتعجل شيئا، والمعلومات جاهزة وفي متناول كل فرد إذا دفعته ميوله الخاصة للبحث عنها. لقد أصبحنا أثرياء من هذه الناحية ومن نواح أخرى، ويمكننا أن نوفر لأنفسنا الوقت الكافي للنمو.»
قلت: «نعم. ولكن افترض أن الطفل، أو الشاب، أو الرجل لم يقبل المعلومات المقدمة له، ولم ينم في الاتجاه الذي أردتموه، افترض، مثلا، أنه رفض تعلم الحساب والرياضيات، ألن يكون بإمكانك إجباره بعد أن يكبر، كما لم يكن بإمكانك إجباره في أثناء نموه، أم أنك أجزتم هذا لأنفسكم؟!»
قال: «حسنا، وهل أجبرت أنت على تعلم الحساب والرياضيات؟»
قلت: «إلى حد ما.»
قال: «وكم عمرك الآن؟»
قلت: «حوالي ستة وخمسين عاما.»
Неизвестная страница