Идеальный город на протяжении истории
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Жанры
، فقد قامت على أساس أفكاره تجمعات أو (كوميونات) في كل من فرنسا وأمريكا، وكان أشهرها - رغم أنها لم تدم طويلا - مزرعة بروك
Brook Farm
2
في الولايات المتحدة، كما أنشئت بعض الاتحادات للمنتجين والمستهلكين وفق مبادئه وحققت قدرا من النجاح.
ولا بد لنا أيضا من الإشارة إلى سان سيمون (1760-1825م) بوصفه أحد آباء الاشتراكية، فقد قدم هو وأتباعه - الذين ربما تفوقوا عليه في هذا - مجموعة من الأفكار التي يمكن أن نجدها متضمنة في الكثير من يوتوبيات النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وعلى حين كان كل من أوين وفورييه يمثلان - من بعض الوجوه - نوعا من رد الفعل المضاد للاتجاه إلى التصنيع، وذلك بمطالبتهما بالرجوع للتجمعات الزراعية الصغيرة، فقد كان سان سيمون هو أحد المؤيدين المتحمسين للنظام الصناعي الجديد وللطبقة الحاكمة الجديدة التي أوجدتها الثورة الكبرى وزاد التوسع السريع في الصناعة من ثرائها. كان النبلاء والكهنة هم الذين يحكمون المجتمع في ظل النظام القديم. وقد غدا من الضروري أن تحل محلهم البرجوازية التي كانت مهمتها الأساسية هي تشجيع تقدم العلم والصناعة. ومن السخف، كما يقول سان سيمون، أن يحكم المجتمع الصناعي من قبل النبلاء الذين لم يعد هناك أي مبرر لوجودهم، أو من قبل الساسة الذين لا يعرفون شيئا عن المشاكل الصناعية.
ولا بد أن يختفي الشكل القديم للحكومات التي لم تعد لها أي فائدة للمجتمع. وقد بين سان سيمون بكل وضوح في الوثيقة الشهيرة التي عرفت «بأمثولة سان سيمون» (ونشرت عام 1832م) أن الجزء الحيوي من المجتمع يتألف من العلماء والتقنيين (الفنيين) ورجال البنوك ورجال الأعمال، لا من السياسيين وموظفي الدولة أو الكهنة: «دعونا نفترض، على حد قوله، أن فرنسا فقدت فجأة خمسين من أهم أطبائها وخمسين من أكبر علماء الكيمياء فيها، وخمسين من أنبغ علماء الفسيولوجيا، وخمسين من أكفأ رجال البنوك، ومائتين من أفضل تجارها، وستمائة من أبرع الزراعيين وخمسمائة من أمهر صناع الحديد وأقدرهم ... (إلى آخر قائمة الصناعات الأساسية) ونظرا لأن هؤلاء الرجال هم أهم المنتجين الذين لا يمكن الاستغناء عنهم، وأبرز المسئولين عن أهم المنتجات، فلن تلبث الأمة، في اللحظة التي تخسرهم فيها، أن تتحلل وتصبح مجرد جسد بلا روح، وتتردى في أعين الأمم المنافسة إلى حالة من الضعف المهيمن، وتبقى في هذا الوضع الهامشي ما بقيت الخسارة قائمة وأماكن هؤلاء الرجال شاغرة. ودعونا الآن نفترض فرضا آخر. تخيلوا أن فرنسا احتفظت بكل عباقرتها، سواء في الفنون والعلوم أو في الحرف والصناعات، ولكنها لسوء الحظ فقدت في نفس اليوم شقيق الملك، وهو دوق أنجوليم، وكل أعضاء الأسرة المالكة، وكل رجال البلاط الأكابر، وكل وزراء الدولة - سوا أكانوا على رأس الإدارة أم لم يكونوا - وكل أعضاء المجلس السري الخاص، وكل المختصين بالتظلمات، وكل المارشالات، والكاردينالات، ورؤساء الأساقفة، وكبار القساوسة والكهنة، وكل المديرين الفرعيين، وكل موظفي الحكومة، وكل القضاء، وعلى رأس هؤلاء أجمعين مائة ألف من أصحاب الأملاك، وهم صفوة نبلاء الدولة. سوف يتألم الفرنسيون بالتأكيد لهذه الكارثة الرهيبة، ولكن فقد مائة وثلاثين ألفا من الأفراد المعروفين في الدولة بحسن السمعة سيثير حزنا من النوع العاطفي الخالص ، ولن يؤثر في المجتمع تأثيرا يذكر».
3
كان سان سيمون قد أعلن عام 1816م أن السياسة هي علم الإنتاج، وأن من الممكن أن تدرج برمتها ضمن علم الاقتصاد. وطالب بأن تتحول فرنسا إلى مصنع، وأن تنظم شئون الأمة على غرار نموذج ورشة عمل كبيرة. وسوف تختفي في المجتمع الجديد كل الفروق الطبقية، ولن يبقى إلا العمال، مع العلم بأن هذه الكلمة ستستخدم بمعناها الواسع لتشمل أصحاب المصانع والعلماء ورجال البنوك والفنانين. ولكن هذا لا يعني أن يصبح الجميع متساوين، ما دام كل فرد سيأخذ طبقا لقدراته (بل وطبقا لرأس المال المستثمر).
وتكمن أصالة سان سيمون في إعطائه مهمة إدارة البلاد لأفضل رجال الصناعة، والعلماء، ورجال البنوك ... إلخ، أي أن حكومة «المديرين» ستحل محل حكومة السياسيين القديمة. وإذا كنا قبل مائة عام أو أكثر قد بدأنا في الحديث عن الطبقة الإدارية أو عن «الثورة الإدارية» فإن سان سيمون قد تنبأ بأن الثورة الصناعية ستؤدي إلى ظهور طبقة حاكمة جديدة. وسوف نرى فيما بعد كيف يردد إدوارد بيلامي أصداء من سان سيمون، وذلك عندما حاول إقامة يوتوبياه (التطلع للوراء) على أساس اشتراكي. وقد شاعت في القرن التاسع عشر فكرة أن إدارة الأشياء يجب أن تحل محل حكم الناس، وأن كل مشاكل المجتمع ستتحول إلى مشاكل الإنتاج. وفي أحد المشروعات العديدة التي قدمها سان سيمون عن الحكومة، نجده يعطي السلطة التنفيذية لمجلس نواب يتألف من ممثلين لرجال التجارة والصناعة والزراعة، الذين يمكنهم أن يقبلوا أو يرفضوا الاقتراحات التشريعية التي تعرض عليهم من قبل مجلسين مؤلفين من العلماء والفنانين والمهندسين، والمهمة الوحيدة لهذه «الحكومة» هي العمل على زيادة الثروة المادية للبلاد. ولم يترك هذا النظام فرصة القيام بأي مبادرة لجماهير العمال، الذين لم يثق فيهم سان سيمون على الإطلاق. وهو يقول في هذا الشأن «إن مشكلة التنظيم الاجتماعي يجب أن تحل من أجل الشعب. أما الشعب نفسه فهو سلبي وكسول ويجب إسقاطه من حسابنا في أي بحث للمشكلة. وأفضل وسيلة لذلك هي أن يعهد بإدارة الشئون العامة إلى القادة أو الرؤساء الصناعيين الذين سيحاولون دائما وبشكل مباشر أن يتوسعوا في آفاق مشروعاتهم إلى أقصى حد ممكن، بحيث تؤدي جهودهم في هذا الاتجاه إلى أعظم قدر من التوسع في حجم العمل الذي تنفذه جماهير الشعب». وعلى الرغم من اعتراف المفكرين الاشتراكيين بأن تعالي سان سيمون على طبقة «البروليتاريا»، قد صدمهم صدمة شديدة، إلا أن الفكرة القائلة بأن إدارة البلاد من شأن الخبراء، وأن الآلة المسيرة للدولة ينبغي أن تتكون من لجان أو مفوضيات من التقنيين (الفنيين) ورجال الصناعة، هي فكرة يمكن أن نجدها في كثير من الكتابات الاشتراكية، وذلك كما رأينا في روسيا التي أوجدت طبقة إدارية منحت - وكان من الممكن أن يؤيد ذلك سان سيمون - امتيازات اقتصادية وسياسية، على الرغم من أنه كان سيستنكر بشدة مسألة الاحتفاظ بحزب سياسي وبسياسيين محترفين.
وبينما لم يعول كل من أوين وفورييه وسان سيمون إلا قليلا على تدخل الدولة لتغيير بنية المجتمع، فإن لوي بلانك
Неизвестная страница