ولسانه. وإما ناظر بعين البغضاء والعداوة فهو كثيرا ما يجد من العيوب في عدوّه ما يعينه على التخرّص عليه فيقوّيها ويزيد فيها. وإن عدم الحقّ تقول وقبّح الحسن، وزاد في قبح القبيح.
والحديث كلّه- إلّا ما لا بال به- ذكر النّاس، ولغو وخطل، وهجر وهذاء، وغيبة وهمز ولمز.
وقال بعض الحكماء لابنه: يا بنيّ، إنّما الإنسان حديث، فإن استطعت ان تكون حديثا حسنا فافعل.
وكلّ سرّ في الأرض إنّما هو خبر عن إنسان، أو طيّ عن إنسان، فله في الغيبة أكثر الحظّ، وجلّها كلفة لا ضرورة، يرى صاحبها أنه قد أهمل محاسبة نفسه، وغفر ذنوبها وألغى عيوبها، وقصد قصد غيره، فتشاغل عمّا يعينه بما لا يعنيه، فأنكر أقواله وأفعاله، وهجر تدبيره، وتعجّب من مقابحه، وجهد نفسه في تفقّد أموره. ليس ذلك عن عناية بصلاحه، ولا محبّة لتقويمه وتهذيبه، ولا أنّه مسيطر عليه ولا محمود عنده على ما عني به من شأنه، بل هو عنده عين المذموم.
وهذا جلّ حديث البشر وشغلهم في الليل والنهار.
قال بعض الحكماء: فضول النظر تدعو الى فضل القول، وفضول الخواطر تبعث على اللهو والخطل.
[٩- العدل]
ولو كان الرجل لا يتكلّم إلّا بما يعنيه،؛ ولا يتكلّف ما قد كفيه، قلّ كلامه. ولو حكّم العدل في أموره، وفيما بينه وبين خالقه، وبينه وبين إخوانه ومعامليه، لطاب عيشه وخفّت مؤونته والمؤونة عليه، فإنّ الله ﵎ لم
1 / 102