1
وكذلك فعل المسلمون في ذكرى الحسين، فكانوا يحيون ذكراه يوم عاشوراء حتى لنجد صاحب كتاب النجوم الزاهرة يقول في أخبار سنة ثمان وتسعين وثلثمائة:
في يوم عاشوراء عمل أهل الكرخ ما جرت به العادة من النوح وغيره، واتفق يوم عاشوراء يوم المهرجان، فأخره عميد الجيوش إلى اليوم الثاني مراعاة للرافضة. هذا ما كان ببغداد، فأما مصر فإنه كان يفعل بها في يوم عاشوراء من النوح والبكاء والصراخ وتعليق المسوح أضعاف ذلك.
وقد كانت عادة النوح على الحسين في يوم عاشوراء تجري في القاهرة إلى زمن قريب، وكنت أسمع بأخبار ذلك وأنا طالب في الأزهر فلا أصدق؛ لأني كنت أقضي يوم عاشوراء بين أهلي في الريف، فبقيت في القاهرة عمدا في أحد الأعوام، ورأيت الموكب بعيني، وكان الشيعة يطوفون حول مسجد الحسين رضي الله عنه وأجسامهم مخضبة بالدماء، وقد اختفى هذا المنظر منذ غلبت المدنية الحديثة، ولكني شهدت منذ أعوام قلائل حفلة في حي الحمزاوي، فرأيت الناس يبكون ويصرخون وهم يسمعون سيرة الحسين في ليلة عاشوراء. (3)
وقد أضيفت الصلاة على علي وابنيه الحسن والحسين إلى الصلاة على رسول الله في طائفة من الخطب المنبرية؛ فقد خطب أبو المنيع قرواش بن المقلد خطبة الجمعة بالقاهرة رابع المحرم سنة إحدى وأربعمائة بحضرة الحاكم، فقال:
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ... اصطفاه واختاره لهداية الخلق، وإقامة الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وهدى من الضلالة ... صلى الله عليه وعلى أول مستجيب له علي أمير المؤمنين، وسيد الوصيين.
وقال في الخطبة الثانية بعد حمد الله والثناء على نبيه:
اللهم وصل على وليك الأزهر، وصفيك الأكبر، علي بن أبي طالب أبي الخلفاء الراشدين المهديين، اللهم وصل على السبطين الطاهرين الحسن والحسين.
وحدثني السيد فوزان السابق وكيل حكومة الحجاز بالقاهرة أنه وجد في أحد مساجد المغرب وثيقة زواج ذكرت فيها الصلاة على الحسن والحسين، وأنه رشا خازن تلك الوثيقة وأخذها منه. جرى هذا الحديث منذ ثلاثة عشر عاما بمنزله في عين شمس وبحضرة المرحوم الشيخ عبد الباقي سرور نعيم، وقد مازحته يومئذ فقلت: أترى الوهابيين يجيزون الرشوة؟ (4)
ولو مضينا إلى المكاتب المبثوثة في حي الأزهر واشترينا طائفة من الخطب المنبرية لرأينا في أكثرها خطبة ثابتة ليوم عاشوراء، ورأينا مؤلفي تلك الخطب يزعمون أن النبي
Неизвестная страница