وأثر عنه أنه كان يقول: ما كانت لأحد قط عندي منة إلا تمنيت موته!
4
وبمثل هذا القول يفسر الحديث المأثور: «اتق شر من أحسنت إليه.» (2)
وكان دعبل في بداية أمره من قطاع الطريق، وكان يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا كلها، ويرجع وقد أفاد وأثرى، وكان الصعاليك يلقونه فلا يؤذونه، ويؤاكلونه ويشاربونه ويبرونه، وكان إذا لقيهم وضع طعامه وشرابه، ودعاهم إليه، ودعا بغلاميه، فأقعدهما يغنيان، وسقاهم وشرب معهم وأنشدهم، وكان الصعاليك يواصلونه ويصلونه،
5
وهذا يفسر جانبا من حياته الخلقية، فهو رجل يجمع بين حب الصعلكة وحب الفتك. وكان أكثر الصعاليك من أهل الشهامة والنبل، ولكنهم كانوا معروفين بحب القسوة والبطش، وقد بقي في نفسه شيء من الحياء، وذلك أيضا بقية من آداب الصعاليك، ومن شواهد ذلك أنه دخل الري في أيام الربيع فجاءهم ثلج لم يروا مثله في الشتاء، فأنشد شاعر من أهل الري هذه الأبيات:
جاءنا دعبل بثلج من الشع
ر فجادت سماؤنا بالثلوج
نزل الري بعدما سكن البر
د وقد أينعت رياض المروج
Неизвестная страница