فصل منه في هذا المعنى
فإذا استحكمت هذه الأمور في قلبه ، وثبتت في خلده وصحت في معرفته، فهو حينئذ بالغ محتمل. وعند ذلك يسخر الله سمعه للخبر المثلج، أو بصره لمعاينة الشاهد المقنع، على يدي الرسول الصادق، ولا يتركه هملا، ولا يدعه غفلا، وقد عدل طبعه وأحكم صنعه، ووفر أسبابه، فلا يحتاج عند معاينته رسولا يحيي الموتى، ويبرىء الأكمه والأبرص، ويفلق البحر، إلى تفكير، ولا تمييل ولا امتحان ولا تجربة، لأنه قد فرغ من ذلك أجمع، واستحكم عنده العلم الذي أدب به، وهيئ له وأورد عليه.
فإن كان لم يكن لذلك عامدا، ولا إليه قاصدا ولا به معنيا، وإنما هو عبد عبأه سيده، ورشحه مولاه، وهيأه خالقه لأمر لا يشعر به من مصلحته، ولا يخطر على باله من الصنع له حين غذاه به، وقاده إليه، وهيأه له.
Страница 64