Разумное и неразумное в нашем интеллектуальном наследии
المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري
Жанры
ثم انتهت المجادلة بتنازل علي عن ذكر إمرته في الوثيقة، فجاءت آخر الأمر هكذا: «هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ...»
فلما تم الكتاب، وشهدت فيه الشهود، قرئ على صفوف من أهل الشام فرضوا به، لكنه لما قرئ على صفوف من جماعة علي، صاح منهم فتيان قائلين: «لا حكم إلا لله» ... وما لبثت هذه العبارة أن سرت في سائر الصفوف، فلم يعد يخلو صف منها من قائل أو أكثر، يصيحون: لا حكم إلا لله، فنحن لا نحكم الرجال في دين الله، لا حكم إلا لله ولو كره المشركون، لا حكم إلا لله، يقضي بالحق وهو خير الفاصلين.
وظن علي أول الأمر أن المعارضين لوثيقة الموادعة، القائلين «لا حكم إلا لله»، قليلون لا يعبأ بهم، فما هو إلا أن سمع النداء يأتيه من كل ناحية: لا حكم إلا لله، الحكم لله يا علي لا لك! لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين الله، إن الله قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه، أن يقتلوا أو يدخلوا تحت حكمنا عليهم، وقد كنا زللنا وأخطأنا حين رضينا بالحكمين، وقد بان لنا زللنا وخطؤنا، فرجعنا إلى الله وتبنا، فارجع أنت يا علي كما رجعنا، وتب إلى الله كما تبنا، وإلا برئنا منك!
فقال علي: ويحكم! أبعد الرضا والميثاق والعهد نرجع؟!
كان هؤلاء هم من أطلق عليهم بعد ذلك اسم «الخوارج»؛ على أن فئة الخوارج هذه لم تكد تعلن خروجها على التحكيم، حتى انقلبت فيما بعد تيارا سياسيا عميقا، أخذ يتفرع فروعا.
ونعود إلى عملية التحكيم كيف سارت، وإلام انتهت؛ فقد أخذ الحكمان يتقارعان الرأي بالرأي على مسمع من الناس، وشاء دهاء عمرو بن العاص أن يقدم أبا موسى على نفسه في الكلام؛ تمهيدا لمكيدة يدبرها، فيقول له مثلا: إنك صحبت رسول الله صلى الله عليه قبلي، وأنت أكبر مني سنا، فتكلم أنت، وكان مرمى الخديعة هو أنه إذا ما جاءت لحظة الخلع، فيعلن كل منهما خلع صاحبه، تكون البداية لأبي موسى، فيخلع صاحبه عليا، ثم يجيء دور الكلام لعمرو، فيأبى ... وذلك هو ما حدث.
عمرو :
أخبرني ما رأيك يا أبا موسى؟
أبو موسى :
أرى أن نخلع هذين الرجلين، ونجعل الأمر شورى بين المسلمين، يختارون من شاءوا.
Неизвестная страница