قوله: (موضح السبل) الموضح: اسم فاعل من وضح الشيء إذا كشفه، و(السبل) جمع سبيل: وهي الطريق، والمراد بالسبل ها هنا الأدلة الدالة على معرفة أحكام الله تعالى، وتلك الأدلة هي الكتب المنزلة، وسنن الأنبياء المرسلة.
وقوله: (لكل مشروع) أي: لكل حكم شرعه الله تعالى لعباده.
وقوله: (بإرسال الرسل) أي: بسبب بعثة الرسل. [و(الرسل)]: جمع رسول: وهو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه؛ أما إذا أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ فهو نبي فقط، فالنبي أعم من الرسول إذ كل رسول نبي، ولا عكس. فعدد الأنبياء فيما قيل: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا على القول المشهور، وعدد الرسل: ثلاثمائة وثلاثة عشر.
ومعنى البيت: الثناء بالجميل على الجميل على جهة التعظيم، ثابت لله تعالى على جهة استحقاقه لوجوب ذلك لذاته العلية، ولأنعامه الكثيرة، وتفضله على خلقه بكشف الطرق إلى معرفة الأحكام التي شرعها لنا طريقا إلى رضوانه، بسبب إرسال رسله إلينا، فله تعالى الحمد على كل حال، وعلى كل النعم، وعلى هذه النعمة العظيمة التي ما مثلها نعمة.
وفي ذكر المشروع وإرسال الرسل براعة الاستهلال، وهي أن يذكر المتكلم في طالعة كلامه ما يشعر بمقصوده كما هنا.
وفي قوله: (بإرسال الرسل) إشارة إلى أن الشرع هو الحاكم في الشرعيات لا العقل، وهي مسألة وقع فيها النزاع بين الأمة، وقد تقدم لنا فيها كلام مبسوط في «مشارق الأنوار» وفي «طلعة الشمس»، وسيأتي لها بسط جيد - إن شاء الله تعالى- في مقدمة هذا الكتاب، والله أعلم.
الكلام في أحوال الرسل
Страница 33