Макани аль-ахбар
مcاني الأخبار
Исследователь
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Место издания
بيروت / لبنان
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تُحْفَةُ الْمُؤْمِنِ الْمَوْتُ» حَدَّثَنَاهُ حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ قَالَ: ح يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ح يَحْيَى بْنُ الْحِمَّانِيِّ قَالَ: ح ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «⦗٧٠⦘ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ»، وَهُوَ النَّظَرُ إِلَيْهِ ﷻ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ: «أَنَا أَجْزِي بِهِ» أَيْ: أَنَا أَجْزِيكَ النَّظَرَ إِلَيَّ، لَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَزَاءً لِعَمَلِكَ، وَلَكِنِّي أَجْزِيكَ فَضْلًا وَمِنَّةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: «وَخُلُوفُ فَمِهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» أَيْ: مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَ الْخَلْقِ، أَيْ كَمَا أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ رِيحَ الْمِسْكِ وَيُؤْثِرُونَهُ وَيَرْضَوْنَ بِهِ وَيَخْتَارُونَهُ، كَذَلِكَ اللَّهُ ﷿ يُحِبُّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ وَيُؤْثِرُهُ وَيَرْضَى بِهِ وَيَخْتَارُهُ. وَقَوْلُهُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُنَّةً فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمَعَاصِي، وَالسَّفَهِ عَلَى النَّاسِ، وَالْغِيبَةِ لَهُمْ، وَمُجَازَاةِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَفِعْلًا، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنْ جَهِلَ عَلَى أَحَدِكُمْ جَاهِلٌ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ الْيَوْمَ»، مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنْ لَا يُجَازِي بِهِ عَلَى جَهْلِهِ، وَلْيَقُلْ لِنَفْسِهِ إِنْ طَالَبَتْهُ مُجَازَاتَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْهَلَ وَيْسَفَهَ وَيَمْنَعَهُ عَنِ الْغِيبَةِ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، أَخْبَرَ أَنَّ الصِّيَامَ تَرْكُ مَا يَنْهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ ⦗٧١⦘، وَلَيْسَ هُوَ بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَطُّ، فَالصِّيَامُ جُنَّةٌ تَسْتُرُهُ وَتَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعَاصِي، وَهُوَ جُنَّةٌ فِي الْآخِرَةِ مِنَ النَّارِ، فَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلنَّاسِ سَبِيلٌ عَلَى الصَّائِمِ، كَمَا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهَا عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنَ الْعَبْدِ، لِأَنَّ الصَّوْمَ يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ، فَلَا يَكُونُ لِلنَّارِ سَبِيلٌ فَهُوَ لَهُ مِنْهَا جُنَّةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَعْنَى آخَرُ فِي تَخْصِيصِ الصَّوْمِ وَهُوَ أَنَّ فِيَ الصَّوْمِ مَعْنَى الْإِعْرَاضِ عَنِ النَّفْسِ طَلَبًا لِمَرْضَاةِ اللَّهِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنِ النَّفْسِ تَرْكُ حُظُوظِهَا، وَحُظُوظُ النَّفْسِ هُوَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالرَّفَثُ إِلَى النِّسَاءِ. فَمَنْ تَرَكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، فَقَدْ تَرَكَ حُظُوظَ النَّفْسِ وَشَهَوَاتِهَا وَلَذَّاتِهَا، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ أَعْرَضَ عَنْ نَفْسِهِ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ نَفْسِهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ؛ لِأَنَّ الْحُجُبَ ثَلَاثَةٌ: الْخَلْقُ، وَالدُّنْيَا، وَالنَّفْسُ، فَالْخَلْقُ وَالدُّنْيَا إِنَّمَا يَحْجُبَانِ إِذَا كَانَا لِحَظِّ النَّفْسِ، فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ أَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا وَالْخَلْقِ، فَحَصَلَ الصَّوْمُ إِعْرَاضًا عَنِ النَّفْسِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا وُصُولٌ إِلَى اللَّهِ. فَلِذَلِكَ قَالَ: «الصَّوْمُ لِي»، وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ غَيْرِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَقْتٌ يَسِيرٌ، فَهُوَ إِذَا فَرَغَ مِنْهَا رَجَعَ إِلَى جَمِيعِ حُظُوظِهِ، وَوَقْتَ الصَّوْمِ يَمْتَدُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَجُمْلَةُ الشَّرَائِعِ الْإِسْلَامُ وَالَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ خَمْسٌ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ. وَلَيْسَ مَعْنَى الْإِعْرَاضِ عَنِ النَّفْسِ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ إِلَّا فِي الصَّوْمِ، الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: «يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي» أَخْبَرَ أَنْ تَرْكَهُ طَعَامَهُ وَشَهْوَتَهُ هُوَ شَيْءٌ لِلَّهِ، لَا لِغَيْرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
1 / 69