Макани аль-ахбар
مcاني الأخبار
Исследователь
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Место издания
بيروت / لبنان
حَدِيثٌ آخَرُ
قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ صَفْوَانَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا، وَلَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا» قَالَ الشَّيْخُ ﵀: الشُّحُّ أَشَدُّ الْبُخْلِ، فَإِنَّ الْبُخْلَ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ إِنَّمَا يُقَالُ فِي الْبَعْقَةِ وَإِمْسَاكِهَا، قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٨٠]، وَقَالَ ﷿ ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [محمد: ٣٨]، وَقَالَ فِي الشُّحِّ ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ [الأحزاب: ١٩]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩]، فَالشُّحُّ تُنْبِئُ عَنِ الْكَزَازَةِ وَالِامْتِنَاعِ وَالتَّأَنِّي وَقِلَّةِ الْمُوَانَاةِ، فَهُوَ يَكُونُ فِي الْمَالِ خَاصَةً، وَفِي جَمِيعِ مَنَافِعِ الْبَدَنِ عَامَّةً، فَالْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَمِنَ التَّصْدِيقِ تَصْدِيقُ اللَّهِ ﷿ فِيمَا تَكَفَّلَ بِهِ مِنَ الْأَرْزَاقِ، وَفِيمَا وَعَدَ مِنَ الْخَلَفِ عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَالثَّوَابِ فِي الْعُقْبَى. وَالْبُخْلُ يَكُونُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَخْلُفَ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْقِيقُ الثَّوَابُ مِنْ قِبَلِهِ، فَالْبُخْلُ بِالْمَالِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ، وَسُوءُ الظَّنِّ يُوهِنُ التَّصْدِيقَ وَالِامْتِنَاعَ وَقِلَّةَ الْمُوَانَاةِ، وَالتَّأَنِّي قَدْ يَكُونُ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَأَوَامِرِ اللَّهِ وَفُرُوضِهِ وَأَقْضِيَتِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ فِي تَرْكِ الْمُعَاوَنَةِ لَهُمْ، وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ، وَالنُّصْحِ لَهُمْ، فَالِامْتِنَاعُ وَالتَّأَنِّي عِنْدَ الْأَوَامِرِ يُوهِنُ التَّصْدِيقَ بِقُبُولِهَا وَصُعُوبَةِ الِانْتِقَاءِ، وَقِلَّةُ الْمُوَانَاةِ يُوهِنُ التَّصْدِيقَ بِالْقَدَرِ، فَمَنْ صَدَّقَ بِالْقَدَرِ انْقَادَ لِلْأَحْكَامِ، وَمَنْ كَانَ مُمْتَنِعًا قَلِيلَ الْمُعَاوَنَةِ تَارِكًا لِلنُّصْحِ لِلْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ مُشْفِقٍ عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الْمُؤْمِنُونَ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» ⦗١٨٨⦘. وَقَالَ ﷺ: «وَاللَّهِ لَا تُؤْمِنُونَ حَتَّى تَحَابُّوا»، فَالشُّحُّ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهِ يُخَالِفُ الْإِيمَانَ وَحَقِيقَتَهُ، فَلِذَلِكَ قَالَ ﷺ: «لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا»، وَالْمَعْنَى فِي الْإِيمَانِ حَقِيقَةُ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ حَقُّهُ وَمُوجِبُهُ كَمَا أَخْبَرَ حَارِثَةُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ، وَتَمَكُّنِ التَّصْدِيقِ مِنْ قَلْبِهِ بِمَا أَخْبَرَ الْلَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ يُشَاهِدُهُ شُهَودَ عَيَانٍ، فَمَنْ تَحَقَّقَ فِي إِيمَانِهِ، وَصَدَّقَ بِإِيقَانِهِ سَهُلَ عَلَيْهِ تَرْكُ الدُّنْيَا وَالْعُزُوفُ عَنْهَا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي قَوْلِهِ ﷿ ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢]، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا دَخَلَ النُّورُ فِي الْقَلْبِ انْشَرَحَ وَانْفَتَحَ» قِيلَ: فَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «التَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ»، فَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ نَوَّرَ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، وَشَرَحَ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ صَدْرَهُ سَهُلَ عَلَيْهِ الْإِعْرَاضُ عَنِ الدُّنْيَا، فَمَنْ عَكَفَ عَلَيْهَا، وَبَخِلَ بِهَا، وَسَكَنَ إِلَيْهَا، وَشَحَّ عَلَيْهَا لَمْ يَخَامِرْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ قَلْبُهُ شُهُودًا، وَإِنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَتَطَوَّعْ عَلَى تَكْذِيبِهِ عَقْدًا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ ضَعِيفُ الْإِيمَانِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَذَاكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»، فَوَصَفَ الْإِيمَانَ بِالضَّعْفِ، وَلَمْ يَنْفِهِ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَوْلُهُ ﷺ: «لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالْإِيمَانُ» أَيْ: لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَقُوَّةُ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا
1 / 187