Jules Romains » حاضرا في المؤتمر؛ كان طلق الوجه دوما، وكانت تبدو عليه ملامح السرور في حفل الاستقبال الجميل الذي أقامته قنصلية فرنسا على «الزاتير
Zattere ».
وإذا كان الجميع قد عملوا بجد في مختلف لجان المؤتمر، فلم يكن بعض المشتركين فيه من ذوي الطباع الحسنة؛ لقد غضبت من فرط العنف الذي كان يهاجم به كاتب - فرنسي للأسف - مندوبا إيطاليا خلال مناقشة عامة يحضرها الجمهور. لم أكن في القاعة، لكني عندما كنت في الدهليز أنتظر طه، رأيت هذا الإنسان يتشابك بالأيدي مع الآخر الذي كان يكبره سنا، ورأيت طه يتدخل بينهما! ثم علمت أنه تدخل في أثناء الجلسة أيضا يدعمه في ذلك «أونجاريتي
Ungaretti »
255
بقوة.
ما كان أجمل صمت البحيرة عصر يوم قضيناه على شاطئها! وأخيرا نزلنا إلى «تورتشيللو
Torcello » التي حلمت بها منذ وقت طويل. كانت هذه الجزيرة المهجورة الآن، عذبة غريبة ساحرة الكآبة. وأي منظر كان، منظر وجه العذراء الرائع وسط سماء ذهبية على قبة الكاتدرائية.
ليس من الممكن وصف الأنوار أو التعبير عن الهدوء في نهاية هذا الإبحار البطيء الحالم على سطح مياه رقراقة. عند اقتراب الغسق، كانت البحيرة تغدو مظلمة، في حين تدخل الأشرعة الحمراء والصفراء عالم الليل، وكذلك زورقنا. كان لا بد من النزول. كنت في حالة ذهول كاملة، ولعلني كنت كذلك حين وصولي القاهرة؛ إذ قلت لصديق مصري: «لو تعلم ما كان أجمل ذلك!» فأجابني قائلا: «إنني أرى جمال ذلك في عينيك.»
عدنا بعد ذلك بثلاث سنوات لحضور ندوة حول سوء التفاهم بين الشرق والغرب. كانت هناك لحظات صاخبة في ذلك المؤتمر، كنا إما مفرطين في الاقتناع بتفوق الغرب، وإما مفرطين في العداء نحو هذا الغرب. ودافع طه عن الشرق وعن إسهام الشرق في العالم المتحضر ضد بعض الدعاوى الجاهلة والظالمة في هذا المجال، ويبدو إن انفعاله لم يعجب بعض المؤتمرين، على أن أولئك الذين يعرفونه كانوا يعلمون أنه كان دوما يريد ويطالب بتكثيف المبادلات بين الشرق والغرب، وخاصة عبر البحر المتوسط. كان «جبرييلي
Неизвестная страница