وَحكى الْبَلْخِي فِي كتاب محَاسِن خُرَاسَان أَن ابْن الراوندي هَذَا كَانَ من الْمُتَكَلِّمين وَلم يكن فِي زَمَانه أحذق مِنْهُ بالْكلَام وَلَا أعرف بدقيقه وجليله وَكَانَ فِي أول أمره حسن السِّيرَة حميد الْمَذْهَب كثير الْحيَاء ثمَّ انْسَلَخَ من ذَلِك كُله لأسباب عرضت لَهُ وَكَانَ علمه أَكثر من عقله فَكَانَ مثله كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(وَمن يُطيقُ مُزكي عِنْد صَبوته ... وَمن يَقومُ لمستورٍ إِذا خلعا) // الْبَسِيط //
قَالَ وَقد حكى جمَاعَة أَنه تَابَ عِنْد مَوته مِمَّا كَانَ مِنْهُ وَأظْهر النَّدَم واعترف بِأَنَّهُ إِنَّمَا صَار إِلَيْهِ حمية وأنفة من جفَاء أَصْحَابه لَهُ وتنحيتهم إِيَّاه من مجَالِسهمْ
وَأكْثر كتبه الكفريات ألفها لأبي عِيسَى الْيَهُودِيّ الْأَهْوَازِي وَفِي منزله هلك وَمِمَّا أَلفه من كتبه الملعونة كتاب التَّاج يحْتَج فِيهِ لقدم الْعَالم وَكتاب الزمردة يحْتَج فِيهِ على الرُّسُل ويبرهن على إبِْطَال الرسَالَة وَكتاب الفريد فِي الطعْن على النَّبِي ﷺ وَكتاب اللؤلؤة فِي تناهي الحركات وَقد نقض هُوَ أَكْثَرهَا وَغَيره وَلأبي عَليّ الجبائي وَغَيره ردود عَلَيْهِ كَثِيرَة فمما قَالَه فِي كتاب الزمردة أَنه إِنَّمَا سَمَّاهُ بالزمردة لِأَن من خاصية الزمرد أَن الْحَيَّات إِذا نظرت إِلَيْهِ ذَابَتْ وسالت أعينها فَكَذَلِك هَذَا الْكتاب إِذا طالعه الْخصم ذاب وَهَذَا الْكتاب يشْتَمل على إبِْطَال الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة والازدراء على النبوات المنيفة فمما قَالَه فِيهِ لَعنه الله وأبعده إِنَّا نجد فِي كَلَام أَكْثَم بن صَيْفِي شَيْئا أحسن من إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر وَإِن الْأَنْبِيَاء كَانُوا يستعبدون النَّاس بالطلاسم وَقَالَ قَوْله يَعْنِي نَبينَا ﵊ لعمَّار ﵁ تقتلك الفئة الباغية كل المنجمين يَقُولُونَ مثل هَذَا وَلَقَد كذب لَعنه الله وأخزاه