وذكر ص32 أن عمر استعمله على دمشق وهذا صحيح لكن عمر ندم على تولية معاوية وهم بعزله في آخر عمره لكن المنية سبقت، وكان عمر يقول (لئن أطعت معاوية ليدخلني النار)!! وهذا صح عن عمر، وعمر لم يول معاوية ابتداء وإنما أقر يزيد بن أبي سفيان على تولية معاوية مكانه، وهذا يعد من أخطاء يزيد بن أبي سفيان سامحه الله فهو يعرف أن أخاه معاوية ليس مؤتمنا على الولاية لكن يبدو أن أسرة آل أبي سفيان كلها كانت متعاضدة في الخير والشر، وإقرار عمر رضي الله عنه ليزيد في تولية معاوية يعد من أخطاء عمر رضي الله عنه، مثلما أخطأ في عزل خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة الشيباني، ثم هؤلاء يجعلون عليا مخطئا في تولية محمد بن أبي بكر وهو أفضل من معاوية، وعمر رضي الله عنه ليس معصوما من تولية من لا يستحق الولاية فقد ولى النبي (ص) الوليد بن عقبة على صدقات بني المصطلق وخان وكذب على النبي (ص)، ونزل القرآن بذمه، فإذا كان كذلك فعمر ليس أعرف بالرجال من النبي (ص) لكنه يجتهد فيصيب ويخطئ فأخطأ في عزل المثنى بن حارثة وتولية أبي عبيد الثقفي الذي لم يكن له كفاءة المثنى وكان من نتائج هذا العزل وهذه التولية هزيمة يوم الجسر المشهورة التي قتل فيها آلاف المسلمين، وأخطأ عمر رضي الله عنه في تولية عمرو بن العاص على مصر، فقد كان عمرو على فروسيته وعلمه بالحرب يحب الدنيا -كما قال الذهبي وغيره - ومثل هذا لا يؤتمن على أموال المسلمين وحقوقهم.
بل كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يولي أناسا ثم يعزلهم وهذا دليل على أن خبرته بالرجال مثل خبرة غيره، يظن في الرجل كفاءة أو أمانة ثم يتبين له خلاف ذلك.
وهذا ليس عيبا لأنه إن كان النبي (ص) غير معصوم في تولية من لا يستحق الولاية أو من يخون كابن اللتبية (صاحب الهدية) أو من يكذب عليه كالوليد بن عقبة فعمر أو غيره من باب أولى، فلا يجوز أن نغلو في معرفة عمر للرجال حتى نجعلها فوق معرفة النبي (ص) لهم.
Страница 60