والغريب في هؤلاء الناس أنهم يرون أنفسهم مبرئين من كل دنس عقدي!! وأنهم قد بلغوا الغاية في طهارة العقيدة!! فهذا (نصب مركب) لأن الصحابة أنفسهم كانوا يخشون على أنفسهم من النفاق، والنفاق أبلغ من البدعة وأسوأ، أما أصحابنا هؤلاء فلهم دعاوى عجيبة في تبرئة الذات والتوجس من الآخرين.
وهذه من أكبر المصائب ومن تسويل الشيطان.
الملحوظة الواحدة والستون:
ونقل ص28 عن عبد الله بن مصعب[44] أنه قال للمهدي فيمن ينتقص أصحاب رسول الله (ص) أنهم (زنادقة)!.
قلت: هل تريدون أن تقولوا إن معاوية زنديق في ذمه لأهل بدر؟! أم أهل بدر زنادقة في ذمهم لمعاوية؟!
أما ما ذكره عبد الله بن مصعب من انتقاص الصحابة فعبد الله بن مصعب نفسه غير مرضي عند أهل الحديث فقد ضعفه ابن معين وغيره، إضافة إلى أنه كان من أعداء العلويين ومن صحابة الخليفة المهدي وولي له اليمن، وعداؤه للعلويين (خصوم المهدي العباسي) مظنة الوقوع في بعض الصحابة[45] كالإمام علي! لأن المنصور والمهدي والرشيد وأمثالهم كانوا يخلطون عداوة آل علي بتنقص الإمام علي نفسه! وهذا مما قامت عليه الدولة العباسية ورجال دولتها.
وأما تعليل عبد الله بن مصعب للحكم (بزندقة) الذين ينتقصون الصحابة بأن ذلك يجعل الطاعنين (كأنهم قالوا: رسول الله (ص) يصحبة صحابة سوء وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة سوء) فهذا غير لا زم فأصحاب موسى صحابة سوء لأنهم عبدوا العجل بعد إيمانهم فيكون نبي الله موسى عليه السلام مذموما على هذا التعليل الفاسد ؟! ثم نحن معكم نذم من يذم أصحاب رسول الله (ص) وإنما نستثني أناسا ظلمة ذمهم الله ورسوله والصالحون من عباده فقط، فكلنا متفقون على مدح من مدحه الله ورسوله وذم من ذمه الله ورسوله، ولم يبق بعد هذا الاتفاق إلا البحث لتحديد من مدحه الله ورسوله وتحديد من ذمه الله ورسوله فالخلاف هو في هذه المنطقة وليس الخلاف في القاعدة.
Страница 55