إن الأئمة الذين خرجوا يدعون إلى الرضا من آل محمد لم يكونوا قاصدين بها إلا أنفسهم لا كما يدعي البعض ( بأنهم لم يكونوا إلا مجاهدين مع الأئمة المعصومين عندهم ) بدليل المبايعة لهم من شيعتهم وألفاظ البيعة وخطبهم قبل البيعة الدالة دلالة لا تحتمل الشك والارتياب على أنهم لا يعنون إلا أنفسهم فقد قال الإمام زيد عليه السلام قبل المبايعة له بالإمامة : يا معشر الفقهاء ويا أهل الحجا ؛ أنا حجة الله عليكم هذه يدي مع أيديكم على أن نقيم حدود الله ونعمل بالكتاب ونقسم بينكم فيئكم بالسوية ، فاسألوني عن معالم دينكم فإن لم أنبئكم بما سألتم عنه فولوا من شئتم ممن علمتم أنه أعلم مني (1) . وكلام هشام بن عبد الملك للإمام زيد عليه السلام فقد قال له : أنت زيد تأمل الخلافة الراجي لها وما أنت والخلافة وأنت ابن أمة (2) !!!وكذلك غيره عليهم السلام في خطبهم هذا مع أن القول بأنهم دعوا إلى الأئمة التسعة لا دليل عليه لا من كتب التاريخ ولا من غيرها وكل ما لا دليل عليه وجب رده وإلا لفتح باب الجهالات والدعاوى الباطلة ، والقول بأن دعوتهم إلى الرضا من آل محمد تدل على أن الرضا غيرهم وإلا لدعوا إلى أنفسهم باطل وذلك لأن دعوتهم إلى الرضا لا تدل على أن الرضا غيرهم لا منطوقا ولا مفهوما ولا حتى إشارة ضعيفة فالعرب تكلموا عن الشيء وقصدوا به أنفسهم وهذا باب من أبواب البلاغة موسوم بباب الالتفات كقوله تعالى : (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )) فلم يقل عز وجل : أنا آمركم ، لأن في إظهار الاسم ترهيبا ، ومثل الأمير واقف بالباب والمتكلم هو الأمير ولم يقل : أنا واقف بالباب ، وفائدتها الترهيب بإظهار لفظة الأمير ، وغير ذلك من الأمثلة وللالتفات فوائد عدة منها الترهيب والترغيب وغير ذلك (1) . فدعوتهم إلى الرضا لا تدل على أن المقصود بها غيرهم بل تدل أن الرضا من آل محمد هم هم لا غيرهم فاسألوهم عن معالم دينكم وانظروا إلى جهادهم للظالمين الكائن لإقامة الكتاب بإقامة الحدود وبنصره المستضعفين والمظلومين ولإقامة السنة ولإقامة الإسلام اللفظي على الواقع فاسألوهم وانظروا حتى تعلموا أنهم هم الرضا من آل محمد ، وإنما قالت الإمامية أن الإمام زيد بن علي عليه السلام دعا إلى الرضا قاصدا بها جعفر بن محمد عليه السلام لأنهم مؤمنون بأن الإمام هو جعفر وأن الإمام زيدا يعتقد بإمامة جعفر فقولهم هذا مبني على اعتقادهم في إمامة الاثني عشر وأن الإمام زيدا إمامي المذهب ، هذا هو دليلهم على ما يقولون وهو تخرص ودعوى وقد تقدم بأن أهل البيت عليهم السلام لم يكونوا يعتقدون بهذه العقيدة لا الأئمة الأحد عشر عليهم السلام ولا غيرهم من بني هاشم بل ولم تكن فكرة أن الإمامة في اثني عشر موجودة ، وقد قدمنا إبطال صحة حديث الاثني عشر المروي في كتب الجعفرية وأهل السنة فراجعه إن شئت .
Страница 38