Последняя теорема Ферма: Загадка, озадачившая гениев математики на века
مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون
Жанры
لقد كان منهمكا ذات مرة في التفكير بشأن ما إذا كان بإمكانه تصميم أداة ميكانيكية لحاسة السمع تكون دقيقة وحاذقة. وستكون مثل هذه الأداة شبيهة بالفرجارات والمساطر والآلات البصرية المصممة لحاسة البصر. وينطبق الأمر نفسه على حاسة اللمس التي تستخدم فيها الموازين ومفاهيم الأوزان والمقاييس. ومن حسن حظه أن تصادف مروره بورشة حدادة واستمع إلى المطارق وهي تدق على الحديد فتصدر تناغما متنوعا من الاهتزازات المترددة فيما بينها، باستثناء توليفة واحدة من الأصوات.
ووفقا ليامبليخوس، فإن فيثاغورس قد هرع إلى ورشة الحدادة على الفور؛ ليبحث في أمر تناغم المطارق. وقد لاحظ أن معظم المطارق يمكن أن تدق بالتزامن معا لإصدار صوت متناغم، بينما كانت هناك مطرقة محددة إذا تضمنتها أي توليفة فإنها كانت تصدر ضوضاء بغيضة. حلل المطارق وأدرك أن تلك التي كانت متناغمة بعضها مع بعض، كانت توجد بينها علاقة رياضية بسيطة، وهي أن كتلاتها كانت نسبا أو كسورا بسيطة بعضها من بعض. أي إن المطارق التي يبلغ وزنها نصف وزن مطرقة محددة أو ثلثيه أو ثلاثة أرباع منه، تصدر كلها أصواتا متناغمة. وعلى العكس من ذلك، فإن المطرقة التي كانت تصدر نشازا عند الدق بها مع المطارق الأخرى، لم يكن لوزنها علاقة بسيطة بأوزان المطارق الأخرى.
لقد اكتشف فيثاغورس أن النسب العددية البسيطة مسئولة عن التناغم في الموسيقى. يشكك العلماء بعض الشيء في رواية يامبليخوس لهذه القصة، غير أن الأمر الأكثر يقينا هو كيفية تطبيق فيثاغورس لنظريته الجديدة بشأن النسب الموسيقية على القيثارة من خلال دراسة خصائص وتر واحد. فالنقر على الوتر يولد نغمة أو لحنا قياسيا يصدر عن طول الوتر المهتز بأكمله. ومن خلال تثبيت الوتر في مناطق محددة بامتداد طوله، يمكن توليد اهتزازات ونغمات أخرى، مثلما يتضح في الشكل
1-1 . والأمر المهم أن النغمات المتناغمة لا تصدر إلا عند نقاط محددة للغاية. فعلى سبيل المثال، عند تثبيت الوتر عند نقطة في منتصفه تماما، فإن النقر عليه يولد نغمة تزيد عن النغمة الأصلية بمقدار أوكتاف، وتكون متآلفة معها. وينطبق الأمر نفسه عند تثبيت الوتر في نقاط عند الثلث من طوله أو ربعه أو خمسه، إذ تنتج نغمات أخرى متآلفة. أما عند تثبيت الوتر في نقطة لا تمثل كسرا بسيطا من طول الوتر، فإن النغمة التي تصدر تكون نشازا عن النغمات الأخرى.
شكل 1-1: الوتر غير المثبت الذي يهتز بحرية يصدر نغمة أساسية، وعند تكوين عقدة في منتصف الوتر تماما، فإنه يولد نغمة تزيد عن النغمة الأصلية بمقدار أوكتاف وتكون متآلفة معها. ويمكن توليد نغمات أخرى متآلفة من خلال تحريك العقدة إلى مواضع أخرى تمثل كسورا بسيطة (مثل الثلث أو الربع أو الخمس) من طول الوتر.
لقد اكتشف فيثاغورس للمرة الأولى القاعدة الرياضية التي تحكم إحدى الظواهر الفيزيائية، وأثبت وجود علاقة أساسية بين الرياضيات والعلوم. ومنذ ذلك الاكتشاف، ما فتئ العلماء يبحثون عن القواعد الرياضية التي يبدو أنها تحكم كل عملية من العمليات الفيزيائية، ووجدوا أن الأعداد تظهر على غير توقع في جميع أشكال الظواهر الطبيعية. فعلى سبيل المثال، ثمة عدد معين يبدو أنه يدل على طول الأنهار المتعرجة. وقد قام البروفيسور هانز-هنريك، وهو أحد علماء الأرض في جامعة كامبريدج، بحساب النسبة بين الطول الفعلي للأنهار من المنبع إلى المصب، وطولها المباشر في خط مستقيم. وبالرغم من أن النسبة تختلف من نهر إلى نهر، فإن القيمة المتوسطة تزيد عن 3 زيادة طفيفة، أي إن الطول الفعلي يكون أكبر من المسافة المباشرة بثلاث مرات تقريبا. والحق أن النسبة تبلغ 3,14 تقريبا، وهي نسبة قريبة من قيمة العدد ط، وهو النسبة بين محيط الدائرة وقطرها.
لقد استنتج العدد
π
في الأساس من هندسة الدوائر، غير أنه يظهر مرارا وتكرارا في مختلف الظروف العلمية. وفي حالة نسبة النهر، ينتج ظهوره عن معركة بين النظام والفوضى. لقد كان أينشتاين هو أول من اقترح أن الأنهار غالبا ما تتخذ مسارا متعرجا؛ لأن أهون انحراف سيؤدي إلى تيارات أسرع على الجانب الخارجي مما سيؤدي إلى درجة أكبر من التآكل، ودرجة أشد من الانعطاف. وكلما زادت شدة الانعطاف، زادت سرعة التيارات على الحافة الخارجية وزاد التآكل؛ فيزيد انعطاف النهر، وهكذا دواليك. بالرغم من ذلك، فثمة عملية طبيعية تجتزئ الفوضى؛ فزيادة الانعطاف سيؤدي إلى التفاف الأنهار إلى الاتجاه المعاكس ومن ثم تقصير الدائرة. سيصبح النهر أكثر استقامة وسيصير الانعطاف على أحد الجانبين مشكلا بحيرة قوسية. والتوازن بين هذين العاملين المتعارضين يؤدي إلى ظهور نسبة ط بين الطول الفعلي والمسافة المباشرة بين المنبع والمصب. وعادة ما توجد نسبة ط في الأنهار التي تتدفق برفق عبر السهول المنحدرة، مثل تلك الأنهار الموجودة في البرازيل والتندرا السيبيرية.
لقد أدرك فيثاغورس أن الأعداد كامنة في كل شيء، بداية من تناغم الموسيقى وحتى مدارات الكواكب، وقد قاده ذلك إلى الزعم بأن «كل شيء عدد.» وباستكشاف معنى الرياضيات، كان فيثاغورس يطور اللغة التي ستمكنه هو والآخرين من وصف طبيعة الكون. ومنذ ذلك الحين فصاعدا، وكل اكتشاف في الرياضيات يمنح العلماء المفردات التي كانوا يحتاجون إليها من أجل فهم الظواهر الموجودة من حولهم على نحو أفضل. والحق أن ما شهدته الرياضيات من تطورات قد ألهم بثورات في العلوم.
Неизвестная страница