كان مقتضى علو همة وسمو فطرة الخاقان فريدون المعدلة ذلك: بأن يكون كل واحد من أشبال غابة السلطنة وأقمار أفلاك الجلالة والخلافة- الذين تربوا تربية صحيحة فى ظل المظلة الموهومة بالراحة والذين أضاء شعاع التربية الخاقانية على وجنات أحوالهم- ملكا فى مملكة مستقلة، وأن يكون كل واحد منهم فى إقليم على حده. وعلى هذا وضع نظم مملكة فارس الفسيحة الأرجاء تحت رعاية همة الأمير شمس اللقا حسين على ميرزا، وأمر بتعيين حضرة الأمير جمشيد الطلعة محمد قلى ميرزا لإمارة إقليم مازندران الجنة، وافتخر مقرب الحضرة تشراغ على خان نوائى بمنصب مربى الأمير وبوزارة مملكة فارس، وصار ميرزا نصر الله قرين الإعزاز بوزارة مازندران، وسلك عدة أشخاص من الأمراء القاجاريين فى الركاب المستطاب لكل واحد منهما، ودخلوا بالخدمة والفدائية فى مشاورات الأمور الملكية والخدمات المتفق عليها، وسار الواء الطاحن للفلك من دار السلطنة طهران إلى ناحية دار الإيمان قم بغرض زيارة المضجع الطاهر جوهرة جعبة النبوة والرسالة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهم صلوات الله الملك الأكبر مزين العالم، وبعد الحضور إلى ذلك المكان المؤسس على الفيض، قام بأداء أركان الزيارة والخشوع ولوازم الاستكانة والخضوع، واستمد من حضرتهم الهمة والتمس الشفاعة وتسلى لعدة ليال متوالية فى تلك البقعة المباركة بتلاوة الآيات وحفظ مواقيت صلوات عزة الدارين واستقامة النشأتين، وسرت ذيول العجزة والمساكين بسبب الذهب والفضة، وأسر وأسعد العجزة والعلماء والسادات بالرواتب المقررة والإنعامات المتكاثرة والإحسان الوافر.
وقد سرت الإشارة إلى المعماريين المهرة [ص 63] ومهندسى فكر إقليدس بتعمير البقاع والمساجد التى كانت قد اندرست بشدة بمرور الشهور والأعوام، وتشرف بالنفاذ حكم القضاء ببناء المدرسة الجديدة المعروفة بالفيضية، وتذهيب القبة الميمونة لحضرة المعصومة، وتعمير مسجد الإمام حسن العسكرى عليه السلام، وتجديد دار الشفاء واستراحات القوافل الموقوفة على العتبة المقدسة، والحمام والسوق من أجل الزوار والمجاورين لعتبة ساكنى دار الملائكة، والتى لن يكون فى الإمكان تدوين شرح تلك الأبنية المشبهة بالفلك المؤسس على صفحة البيان. وبعد أداء مراسم الزيارة، أمر الخاقان فاتح البلاد بالرجوع من دار المؤمنين «قم» إلى مستقر السلطنة.
وكما عاد مظفرا ومنصورا من السفر ذى الأثر الخير لأذربيجان نور حديقة إجلال الأمراء نصيب بحر النوال النائب ولى العهد عباس ميرزا، فأدرك شرف الحضور موفور السرور الأشرف.
Страница 93