قبل تحرك الحضرة العلية الظل الإلهى تجاه خراسان على النحو الذى سبق ذكره، أصدر الأمر لنائب السلطنة والخلافة عباس ميرزا بهدف تأديب متمردى ولايات أذربيجان، وبعد قدوم الحضرة العلية الخاقانية إلى دار السلطنة طهران، أوصل المطلعون من ناقلى الأخبار إلى مسامع عاكفى بلاط ملجأ العالم [ص 55] أن الأمير الأعظم، وبعد حضوره إلى دار السلطنة تبريز، استراح عدة أيام بهدف إراحة الجيش، ومن هناك نهض إلى مرج" يام"، ولما كان جعفر قلى خان قد أرسل ابنه إلى بلاط سماء الجاه وذلك بعد وفاة أخيه وقدومه هو إلى خوى، وكان قد صار متعهدا بالخدمة ومتقبلا العبودية، فقد أرسل ولى العهد إليه- وبناء على تعهداته- واحدا من ملازمى الحضرة من أجل اختبار أقوال ذلك المخمور بخمر الغفلة، وبشره بإشارة إدراك سعادة الحضور، لكنه أصر على العناد والنفاق، فلا جرم أن استلزم تأديبه، وشقت الأعلام المنتهية بالنصر طريقها من مرج يام إلى ناحية سلماس بغرض القتال والحرب، وعند تحرك الأمير ذى الجواهر العالية إلى تلك الحدود، علم جعفر قلى خان بذلك، فترك واحدا من إخوته فى قلعة خوى، وذهب هو وسط الأكراد ذوى الأصل السيئ للاستعانة بهم وإمداد جمع الجيش المؤسس على الضلال، وجمع من عسكر أهالى إيروان وطوائف يزيدى وشكاك وسبيكى خمسة عشر ألف شخص، وبدل بحقوق ولى النعمة العقوق والعصيان، وعزم على الحرب، ولما كان الخوف قد حمل بطوائف وأحشام مناطق خوى وسلماس خوفا من أذى جيش القيامة، وكانوا قد لجئوا إلى الأماكن الحصينة، التى كان من بينها قلعة هودر وهى من قلاع تلك المنطقة وكانت متزاملة فى الرزانة والمتانة مع عمارة الفلك الخالد، وكانت مكدسة بنفائس الأموال ومزدحمة بوجود الأبطال الرجال، وحتى ذلك الزمان لم يكن قد وصل حبل فكر أى من السلاطين العظام على سطحها، فوضع الجيش ذو الكبد الفولاذى وجه الهمة من الأطراف والجوانب لإخضاع تلك القلعة المحكمة الأساس، ووضعت قلعة الملوك قدما فى دائرة التمرد بإشارة وترغيب أبدال أغا الكردى السبيكى الذى كان حارسا لذلك الحصن الحصين والثكنة المتينة من قبل جعفر قلى خان، ففتح يده باستعمال السيف والرمح محتميا باستحكام المكان، وهجم الجيش المسرع كالبرق وأخضع ذلك الحصن المحكم فى لحظة واحدة، وذرى تراب وجود رمادهم فى الريح الظالمة بالسيف القاذف للنار [ص 56] وأذاقوا أكثرهم جرعة الهلاك والبوار، وتبعثرت عن بعضها الأموال التى كان أهالى تلك الديار قد حملوها إلى ذلك المكان لمدة سنوات عديدة، وصارت فى لحظة واحدة عرضة للنهب وفرصة للغارة والغنيمة، ولما صار أمر قلعة هودر مهيأ، توجه جيش الظفر المعجزة بوجهه لتأديب المتمردين، وبسبب غاية التهور ومنتهى الجرأة تقدم جعفر قلى خان إلى أحد المنازل ومعه خمسة عشر ألف رجل وإدارة المدفعية التى كانت معه وكان قد أحضرها من خوى، وصمم على القتال والجدال فى مواجهة الأمير الذى لا شبيه له، وطبقا لإشارته فتح أهالى تلك القرى المياه لعدة أيام متوالية على صحراء سلماس حتى تغوص قوائم خيل جيش الأمير الباحث عن الحرب فى الوحل والطين، فلا تنجو من تلك الورطة الجسيمة، وفى النهاية، عادت نتيجة ذلك المكر وتلك الحيلة على جيشه، فقد صارت قوائم مراكب كل واحد- التى غاصت فى تلك الأوحال- فى الحال طعمة للسيف البتار. وخلاصة القول، أنه فى اليوم السابع من شهر ربيع الأخر 1215 ه ق وبالقرب من ديلمقان فى سلماس نظم ولى العهد الميمنة والميسرة والقلب والجناح والمؤخرة والكمين مع نظام الدولة سليمان خان القاجارى وإبراهيم خان القاجارى وأحمد خان مقدم الحاكم العسكرى لتبريز ومراغه ورتب الجيش فوجا فوجا، وقدم مبارزو الطرفين قدم الجلادة، فالتهبت نار الحرب والجدال وارتفعت نار البلاء، وقد ظهرت صورة القيامة فى الدنيا بسبب صدمات وزلازل جيش محشر الرعب. وبسبب النيران المقذوفة من المدافع والبنادق والمدافع الصغيرة (الهاونات) صار [كوكب] الزهرة ماء على سطح [كوكب] المريخ، وصار جسد [كوكب] زحل كبابا مشويا.
Страница 86