357

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Редактор

عمر بن محمود أبو عمر

Издатель

دار ابن القيم

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Место издания

الدمام

Жанры

وَنُعُوتِ جَلَالِهِ فَإِنَّ نَفْيَ ذَلِكَ مِنْ لَازِمِهِ نَفْيُ الذَّاتِ وَوَصْفُهُ بِالْعَدَمِ الْمَحْضِ، إِذْ مَا لَا يُوصَفُ بِصِفَةٍ هُوَ الْعَدَمُ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَلِهَذَا قَالَ السَّلَفُ الصَّالِحُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَهْمِيَّةِ: إِنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ يُعْبَدُ وَذَلِكَ لِجُحُودِهِمْ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهَا رَسُولُهُ ﷺ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّكْذِيبَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالِافْتِرَاءَ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ، وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ، لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ، لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهِمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الزُّمَرِ: ٣٢-٣٥] .
"وَغَيْرِ تَكْيِيفٍ" تَفْسِيرٍ لَكِنَّهُ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ رَبِّنَا تَعَالَى كَأَنْ يُقَالَ اسْتَوَى عَلَى هَيْئَةِ كَذَا، أَوْ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ بِصِفَةِ كَذَا، أَوْ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ كَذَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ ﷿ وَاعْتِقَادِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا مِنَ الْعِبَادِ فِي الشَّرِيعَةِ لَبَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ ﷺ وَلَمْ يَدَعْ مَا بِالْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ إِلَّا بَيَّنَهُ وَوَضَّحَهُ، وَالْعِبَادُ لَا يَعْلَمُونَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [البقرة: ١١٠] فَلْيُؤْمِنِ الْعَبْدُ بِمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلْيَقِفْ مَعَهُ كَهَذِهِ الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلِيُمْسِكْ عَمَّا جَهِلَهُ وَلِيَكِلْ مَعْنَاهُ إِلَى عَالِمِهِ كَكَيْفِيَّتِهَا ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الْحَشْرِ: ٧] .
"وَلَا تَمْثِيلِ" أَيْ: وَمِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ لِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ، فَكَمَا أَنَّا نُثْبِتُ لَهُ ذَاتًا لَا تُشْبِهُ الذَّوَاتِ فَكَذَلِكَ نُثْبِتُ لَهُ مَا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَنَعْتَقِدُ تَنَزُّهَهُ وَتُقَدَّسَهُ عَنْ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشُّورَى: ١١] وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ فِي أَحْكَامِ

1 / 363