271

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Исследователь

عمر بن محمود أبو عمر

Издатель

دار ابن القيم

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Место издания

الدمام

Жанры

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصِيَّتِهِ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَقَالَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ - لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ - قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ أَمَخْلُوقٌ هَذَا؟ أَدْرَكْتُ شُعْبَةَ وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ وَأَصْحَابَ الْحَسَنِ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ مَخْلُوقًا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ آيَةً مَخْلُوقَةً فَهُوَ كَافِرٌ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ﴾ فَقَالَ: مُحْدَثٌ إِلَيْنَا، وَلَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ بِمُحْدَثٍ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ﵀: لَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافٌ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ شَيْءٌ خَرَجَ مِنَ الرَّبِّ ﷿ مَخْلُوقًا؟. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ: مَنْ قَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ الْكُفْرُ كُفْرَانِ: كُفْرُ نِعْمَةٍ وَكُفْرٌ بِالرَّبِّ ﷿، قَالَ: لَا، بَلْ كُفْرٌ بِالرَّبِّ ﷿، مَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ ﴿اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ مَخْلُوقٌ أَلَيْسَ كَافِرًا هُوَ؟. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ: يَسْتَحِيلُ فِي صِفَةِ الْحَكِيمِ أَنْ يَخْلُقَ كَلَامًا يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ﴾ وَقَوْلَهُ: ﴿أَنَا رَبُّكَ﴾ .
قُلْتُ: وَالْمُعْتَزِلَةُ يَقُولُونَ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ لِمُوسَى خَلَقَهُ فِي الشَّجَرَةِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الشَّجَرَةُ هِيَ الْقَائِلَةُ: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَحَيْثُ تَصَرَّفَ. وَأَمَّا كَلَامُ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَتَانَتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى تَعْرِيفٍ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ "كِتَابُ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ" وَقَدْ بَوَّبَ فِي صَحِيحِهِ عَلَى جُمْلَةٍ وَافِيَةٍ تَدُلُّ عَلَى غَزَارَةِ عِلْمِهِ وَجَلَالَةِ شَأْنِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ: أَدْرَكْنَا الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ فكان من مذاهبم أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِجَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَالْقَدَرُ خَيْرُهُ وَشَرُّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى

1 / 277