За пределами религий: Этика для всего мира
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
Жанры
ليس القصد من هذا أن البركات والصلاة عديمة الجدوى. الحق أنني أرى أن الصلاة لها فائدة نفسية عظيمة. ولكن علينا أن نتقبل أن نتائجها الملموسة تصعب رؤيتها في كثير من الأحيان. فعندما يتعلق الأمر بالحصول على نتائج محددة مباشرة، يتضح أن الصلاة لا يمكن أن تضاهي إنجازات العلم الحديث على سبيل المثال. حين مرضت منذ بضع سنوات، كانت معرفتي بأن الناس يصلون من أجلي تطمئنني بالتأكيد، لكن يجب أن أعترف أن معرفتي بأن المستشفى الذي كنت أعالج فيه يضم أحدث المعدات المخصصة للتعامل مع حالتي مطمئنة بدرجة أكبر!
في ضوء تفوقنا المتزايد في العديد من جوانب العالم المادي خلال المائتي عام الماضية أو نحو ذلك، من غير المفاجئ أن نجد الكثير من الأشخاص اليوم يتساءلون عما إذا كنا نحتاج إلى الدين على الإطلاق. فالأشياء التي لم تكن في الماضي سوى محض أحلام؛ مثل القضاء على الأمراض، والسفر عبر الفضاء، وأجهزة الكمبيوتر، أصبحت حقيقة من خلال العلم. فلا غرو إذن أن يضع الكثيرون كل آمالهم في العلم لدرجة الاعتقاد بإمكانية تحقيق السعادة بالوسائل التي يستطيع العلم المادي تقديمها.
وبالرغم من أنني أستطيع تفهم تقويض العلم للإيمان في بعض جوانب الدين التقليدي، فلست أرى سببا يجعل لتطور العلم التأثير نفسه على مفهوم القيم الداخلية أو الروحانية. حقيقة الأمر أن الحاجة إلى القيم الداخلية أكثر إلحاحا في عصر العلم هذا، مما كانت عليه في أي وقت مضى.
في محاولتي لتقديم حجة قوية تدعم التمسك بالقيم الداخلية والعيش الأخلاقي في عصر العلم، سيكون من المثالي أن أقدم هذه الحجة بعبارات علمية بحتة. وعلى الرغم من عدم إمكانية القيام بذلك بالاستناد إلى أسس البحث العلمي بصورة خالصة حتى الآن، فأنا متأكد من أنه مع مرور الوقت، سوف تظهر تدريجيا حجج علمية أكثر موثوقية تؤيد فوائد القيم الأخلاقية الداخلية.
لست عالما بالطبع، ولم يكن العلم الحديث جزءا من تعليمي الرسمي عندما كنت طفلا. ومع ذلك، فمنذ جئت إلى المنفى، نجحت في تحصيل الكثير مما فاتني. وعلى مدار أكثر من ثلاثين سنة حتى الآن، عقدت اجتماعات منتظمة مع خبراء وباحثين في العديد من المجالات العلمية؛ منها الفيزياء، وعلم الكونيات، وعلم الأحياء، وعلم النفس، مع التركيز مؤخرا على علم الأعصاب.
تركز التقاليد التأملية في جميع الأديان تركيزا كبيرا على استكشاف العالم الداخلي للتجربة والوعي؛ لذلك كان أحد أهدافي في تلك المناقشات هو استكشاف الفهم العلمي لجوانب مثل الفكر، والعاطفة، والتجربة الذاتية.
أشعر بالتشجيع الشديد من حقيقة أن العلم، ولا سيما علم الأعصاب، ينتبه الآن بشكل متزايد إلى هذه الأمور التي طالما تجاهلناها. كما أنني سعيد بالتطورات الأخيرة في المنهجية العلمية لهذه المجالات؛ إذ يتوسع حاليا المبدأ العلمي التقليدي للتحقق الموضوعي عن طريق طرف ثالث ليشمل مجال التجربة الذاتية. ومن أمثلة ذلك عمل صديقي الراحل فرانسيسكو فاريلا في علم الظواهر العصبية.
لطالما كان لدي أيضا اهتمام طويل الأمد بماهية الأساس العلمي الذي قد يكتشف لفهم آثار الممارسة التأملية والتنمية القصدية لصفات مثل التعاطف، والحنان الناشئ عن الحب، والاهتمام، والهدوء الذهني. وكنت أشعر على الدوام أنه إذا استطاع العلم توضيح إمكانية مثل هذه الممارسات وفائدتها، فربما يمكن تعزيزها من خلال التعليم العام.
من حسن الحظ أن لدينا الآن مجموعة من الأدلة البارزة إلى حد مقبول والمستمدة من علم الأحياء التطوري، وعلم الأعصاب، ومجالات أخرى تشير إلى أن الإيثار والاهتمام بالآخرين لا يصبان في مصالحنا الخاصة فحسب، بل إنهما يعدان أيضا من الأمور الفطرية في طبيعتنا البيولوجية، وينطبق ذلك حتى من منظور علمي شديد الصرامة. إن مثل هذه الأدلة عندما تجتمع مع انعكاسها على تجاربنا الشخصية وتقترن بالفطرة السليمة البسيطة، فإنها يمكنها - في رأيي - أن تقدم مبررات قوية توضح فوائد تنمية قيم إنسانية أساسية لا تستند إلى المبادئ الدينية أو إلى الإيمان على الإطلاق. وهذا أرحب به. (2) مدخل إلى العلمانية
هذا إذن هو الأساس لما أسميه «الأخلاق العلمانية». وأنا أعي أن استخدامي لكلمة «علماني» يثير لدى بعض الأشخاص، ولا سيما بعض الإخوة والأخوات من المسيحيين والمسلمين، بعض الهواجس. فالبعض يرون أن الكلمة نفسها تشير إلى الرفض القاطع للدين، أو حتى العداء معه. قد يبدو لهم أنني باستخدامي هذه الكلمة، أدعو إلى إقصاء الدين من النظم الأخلاقية، أو حتى من جميع مجالات الحياة العامة. ليس هذا ما أقصده على الإطلاق. وإنما ينبع فهمي لكلمة «علماني» من الطريقة التي تستخدم بها عادة في الهند.
Неизвестная страница