سُورَة الْحجر
وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١)﴾ [الحجر: ١٤ - ٢١]
فِي هَذِه الْآيَات إِثْبَات بَاب للسماء وَأَنَّهَا جرم من الأجرام وَأثبت لَهَا بروجا وَأثبت الشهب وَأثبت للْأَرْض امتدادا وَألقى فِيهَا رواسي لِئَلَّا تميد بساكنيها
وَبَعض هَذِه الْأُمُور قد مر بَيَانهَا غير مرّة بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِك نتكلم فِي تَفْسِيرهَا إِجْمَالا
فَقَوله تَعَالَى ﴿وَلَو فتحنا عَلَيْهِم﴾ أَرَادَ بِهِ على هَؤُلَاءِ المقترحين المعاندين وَالْمرَاد بِالْبَابِ غير أَبْوَاب السَّمَاء الْمَعْهُودَة الَّتِي وَردت فِي حَدِيث الْمِعْرَاج
وَمعنى ﴿فظلوا فِيهِ يعرجون﴾ أَي يصعدون فِي ذَلِك الْبَاب بِحَسب مَا نيسره لَهُم فيرون مَا فِيهَا من الْمَلَائِكَة والعجائب طول نهارهم مستوضحين لما يرونه كَمَا يفِيدهُ ظلوا لِأَنَّهُ يُقَال ظلّ يعْمل كَذَا إِذا فعله فِي النَّهَار حَيْثُ يكون للشَّخْص ظلّ
وَمعنى قَوْله ﴿لقالوا إِنَّمَا سكرت أبصارنا﴾ أَي سدت ومنعت من الإبصار حَقِيقَة وَمَا نرَاهُ تخيل لَا حَقِيقَة لَهُ وَذَلِكَ لفرط عنادهم وغلوهم فِي المكابرة وتفاديهم عَن قبُول الْحق
1 / 80