الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله يَوْم خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ذَلِك الدّين الْقيم﴾ فَأخْبر الله أَن هَذَا هُوَ الدّين الْقيم ليبين أَن مَا سواهُ من أَمر النسيء وَغَيره من عادات الْأُمَم لَيْسَ قيمًا لما يدْخلهُ من الانحراف وَالِاضْطِرَاب.
وَنَظِير الشَّهْر وَالسّنة الْيَوْم والأسبوع فَإِن الْيَوْم طبيعي من طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا وَأما الْأُسْبُوع فَهُوَ عددي من أجل الْأَيَّام السِّتَّة الَّتِي خلق الله فِيهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش فَوَقع التَّعْدِيل بَين الشَّمْس وَالْقَمَر بِالْيَوْمِ والأسبوع بِسَبَب الشَّمْس والشهر وَالسّنة بِسَبَب الْقَمَر
وَبِهَذَا قد توجه قَوْله ﴿لِتَعْلَمُوا﴾ - إِلَى ﴿جعل﴾ فَيكون جعل الشَّمْس وَالْقَمَر لهَذَا كُله
فَأَما قَوْله تَعَالَى ﴿وَجعل اللَّيْل سكنا وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا﴾ فقد قيل هُوَ من الْحساب وَقيل بحسبان كحسبان الرَّمْي وَهُوَ دوران الْفلك فَإِن هَذَا مِمَّا لَا خلاف فِيهِ فقد دلّ الْكتاب وَالسّنة وَأجْمع عُلَمَاء الْأمة على مثل مَا عَلَيْهِ أهل الْمعرفَة من أهل الْحساب من أَن الأفلاك مستديرة لَا مسطحة
انْتهى الْمَقْصُود من نَقله ثمَّ ذكر فصلا ختم بِهِ رسَالَته من أَرَادَهُ فليراجعه فَإِن فِيهِ فَوَائِد كَثِيرَة.
1 / 64