وَهَذَا القَوْل وَإِن كَانَ مُقَيّدا بالإغمام ومختصا بالحاسب فَهُوَ شَاذ مَسْبُوق بِالْإِجْمَاع على خِلَافه.
فَأَما اتِّبَاع ذَلِك فِي الصحو أَو تَعْلِيق عُمُوم الحكم الْعَام بِهِ فَمَا قَالَه مُسلم.
وَقد يُقَارب هَذَا القَوْل من يَقُول من الإسماعيلية بِالْعدَدِ دون الْهلَال وَبَعْضهمْ يروي عَن جَعْفَر الصَّادِق جدولا يعْمل عَلَيْهِ وهوا لذِي افتراه عَلَيْهِ عبد الله بن مُعَاوِيَة.
وَهَذِه الْأَقْوَال خَارِجَة عَن دين الْإِسْلَام وَقد برأَ الله مِنْهَا جعفرا وَغَيره وَلَا ريب أَن أحدا مَا يُمكنهُ مَعَ ظُهُور دين الْإِسْلَام أَن يظْهر الِاسْتِنَاد إِلَى ذَلِك إِلَّا أَنه قد يكون لَهُ عُمْدَة فِي الْبَاطِن فِي قبُول الشَّهَادَة وردهَا وَقد يكون عِنْده شُبْهَة فِي كَون الشَّرِيعَة تعلم الحكم بِهِ
وَأَنا إِن شَاءَ الله أبين ذَلِك وأوضح مَا جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة دَلِيلا وتعليلا شرعا وعقلًا.
قَالَ الله تَعَالَى ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج﴾ فَأخْبر أَنَّهَا مَوَاقِيت للنَّاس وَهَذَا عَام فِي جَمِيع أُمُورهم وَخص الْحَج بِالذكر تمييزا لَهُ وَلِأَن الْحَج تشهده الْمَلَائِكَة وَغَيرهم وَلِأَنَّهُ يكون فِي آخر شهور الْحول فَيكون علما على الْحول كَمَا أَن الْهلَال علم على الشَّهْر، وَلِهَذَا يسمون الْحُلُول حجَّة فَيَقُولُونَ لَهُ سَبْعُونَ حجَّة وأقمنا خمس حجج فَجعل الله الْأَهِلّة مَوَاقِيت للنَّاس فِي الْأَحْكَام الثَّابِتَة بِالشَّرْعِ ابْتِدَاء أَو سَببا من الْعباد وللأحكام الَّتِي تثبت بِشُرُوط العَبْد فَمَا ثَبت من الموقتات
1 / 58