ويستأنف طه حسين حديثه يقول: «نعم، إيماج دي موند. سألني عن الحرب، فقلت له: الحرب انتهت بالقنبلة الذرية، لكنها تركت قنبلة زمنية هي فلسطين.»
ويقول مصطفى عبد الرازق: «عندك حق، وهل يترك الإنجليز مستعمرة لهم دون يخلقوا فيها المشاكل؟! على أني أرجو أن يكون العالم قد تيقن أخيرا أن العدل هو أساس السلام، أنا متفائل بميثاق الأمم المتحدة، لا تنس أن أصحاب فكرة الميثاق والمنظمة هم الدول الكبرى التي انتصرت في الحرب: أمريكا وروسيا والصين وإنجلترا وفرنسا.»
ويرد طه حسين: «نعم، لقد أصبحت فرنسا تعد بين الدول الخمس الكبرى، والفضل في ذلك لديجول، لولا عصيانه لليأس ورفضه الاستسلام ما كان لفرنسا ذكر اليوم بين هذه الدول.»
ويقول الأستاذ مصطفى عبد الرازق: «إن الدرس الذي نتعلمه من هذه الحرب هو درس سبق أن علمه لنا الرسول
صلى الله عليه وسلم : النجاح إنما يكون بالإيمان والإخلاص وبالتصميم، علينا أن نتسلح بهذه الصفات لنحقق أهداف أمتنا في هذا العالم الجديد الذي يقولون إن الأمم المتحدة ستبنيه.»
ويقول طه حسين في شيء من الشك: «ذلك بشرط أن تتعلم الدول الكبرى ألا تكيل بمكيالين، بشرط ألا ترى ضرورة تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان لشعوبها هي ولا ترى لشعوبنا نحن حقا في هذا كله. عندما جاء الجنرال ديجول إلى مصر، وهو رئيس لفرنسا الحرة، قلت له: لا يمكن أن تطالب فرنسا باستقلالها وبحريتها وهي تنكر على الشعوب الواقعة تحت سلطانها هذا الاستقلال وهذه الحرية، وقد وافق ديجول، فقد كان يعرف لبعد نظره أن عهد الاستعمار إلى زوال، وعندما جاء الجنرال كاترو بعد ذلك كانت فرنسا الحرة قد استجابت فيما يظهر إلى ما طالبت به، وأعلن الجنرال كاترو شيئا من ذلك من راديو القاهرة، وسنرى الآن ماذا تفعل فرنسا بعد النصر في الأراضي العربية الواقعة تحت سلطانها، وماذا يفعل الإنجليز في العراق وفلسطين والسودان.»
ويقول مصطفى عبد الرازق: «إن صاحبك أبا العلاء قد أحسن عندما أشار إلى أن الكلام الجميل لا ينفع أمام أصحاب القوة والسلاح، كما جرب ذلك بنفسه. وعلى ذكر أبي العلاء، زارني بعض الشيوخ السوريين الأدباء وحدثوني من جديد عن احتفالات دمشق بأبي العلاء، لا يزالون يذكرونها ويذكرونكم.»
ويرد طه: «كان الوفد المصري موفقا، وكان المؤتمر ناجحا، كان رئيس الجمهورية السورية شديد الاهتمام وشديد الاحتفاء بالمؤتمر. وإلى جانب الاحتفال بأبي العلاء كانت فرحتنا باجتماع العلماء العرب في مكان واحد إخوانا متعارفين.»
وتقول أمينة مقاطعة : «أنا أقرأ لأبي العلاء، أنا أقرأ في اللزوميات، في نسخة مخطوطة من اللزوميات.»
طه: «نسخة مخطوطة من اللزوميات؟! ليس لدينا نسخة مخطوطة! واللزوميات أنت قطعا لا تستطيعين أن تفهميها وحدك لا أنت ولا كثير غيرك من الشباب اليوم، يجب أن نترجمها لكم إلى العربية!»
Неизвестная страница