Мартин Лютер: Очень короткое введение
مارتن لوثر: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
غير أن لوثر رفض أن تكون طقوس العبادة التي وضعها ملزمة، فمع أن الطقوس الشكلية الصحيحة - كتلقي الخمر والخبز معا - كانت مهمة، إلا أن انتهاجها لم يكن ملزما، فكانا يتبعان الإيمان والحب في المنزلة. يقول لوثر :
قدمت تعاليمي بحيث تقود أولا وآخرا إلى معرفة المسيح؛ إلى الإيمان الخالص الصحيح والحب الصادق، ومن ثم إلى الحرية في جميع السلوكيات الظاهرة، كالمأكل والمشرب والملبس والصلاة والصوم، وفي شئون الأديرة والقرابين المقدسة، وجميع السلوكيات الظاهرة أيا كانت، ويستخدم هذه الحرية من يحمل في قلبه الإيمان والحب؛ أي المسيحي الحق، ولا يمكننا ولا ينبغي لنا أن نفرض على هذا المسيحي أي قانون بشري يقيد ضميره أو أن نسمح لأي شخص آخر بذلك.
كانت صورة المسيحية الجديدة كما تراءت للوثر صورة لمدينة فاضلة، وذكرته الخلافات التي أثارتها تلك الرؤيا بذلك كل يوم، فلم ينتقده خصومه في الكنيسة الرومانية وحسب، بل انتقده أيضا زملاء سابقون له وآخرون ممن حسبوا أنه تمادى في التغييرات التي أدخلها إلى المسيحية أو لم يحدث تغييرات كافية فيها. لقد أجمع أغلب البروتستانتيين - من حيث المبدأ - على وجوب تغيير صورة القداس، ولكنهم لم يتمكنوا من الإجماع على طبيعة العشاء الرباني، فنظر إليه لوثر على أنه قربان مقدس بجسد المسيح ودمه الحقيقيين، فيما رأى إصلاحيون آخرون - أشهرهم كارلشتادت وأولريش زفينجلي وجون كالفن - أن الإيمان بتمثل المسيح بجسده ودمه فعليا في الخمر والخبز يشبه عقيدة استحالة الشكلين التي سادت العصور الوسطى، والتي تعني تحول مادة الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه. رفض لوثر تلك العقيدة، لكنه آمن بأن المسيح يتمثل حقا في الخبز والخمر؛ لأنه قال إن الخبز هو جسده، والخمر هو العهد الجديد الذي يكتبه بدمه. أما زفينجلي بالأخص فرأى أن لوثر يتبنى منظورا ماديا قد يشجع الخرافات الشائعة، كسرقة خبز القربان المقدس، وعزو قدرات خارقة إليه؛ فرأى كارلشتادت وزفينجلي أن المسيح عنى أن يرمز الخبز والخمر إلى جسده، وأن يلفتا المؤمن إلى الصليب الذي ضحى عليه المسيح لخلاصه، في حين أصر لوثر على أن العشاء الرباني لا يذكر وحسب بموت يسوع تضحية، بل يعبر في الواقع عن الغفران الذي فازت به تضحية المسيح. لم ينته هذا الخلاف بين لوثر وزفينجلي قط، وانقسم أتباعهما تدريجيا بين الكنائس اللوثرية وكنائس حركة الإصلاح الديني، التي سيطر نفوذها على أجزاء مختلفة من أوروبا.
لم يختلف البروتستانتيون إلا نادرا بشأن الصلوات، لكن تعديلاتهم على أساليبها السائدة في أواخر العصور الوسطى اتسمت بالصرامة وبأنها مثيرة للجدل؛ فقد تضرع مسيحيو أواخر العصور الوسطى كثيرا مستعينين بالتسابيح والوسائل التذكيرية إلى السيدة مريم والقديسين، وأثيبت صلوات بعينها بصكوك الغفران، كما جاء في بعض كتيبات العبادة ككتاب صلوات «حديقة الروح الصغيرة» الذي طبع للمرة الأولى عام 1498 في مدينة ستراسبورج، وتوفر بعدها بوقت قصير بالنسخة الألمانية، التي زينت بصور توضيحية جميلة، واحتوى على العديد من الصلوات المناجية لكثير من الشخصيات المقدسة من أجل الكثير من المناسبات الشخصية والشعائرية. وانتقد لوثر هذا الكتيب وغيره من الكتيبات المشابهة في مقدمته لكتابه «كتاب الصلوات الشخصي» الذي صدر عام 1522 قائلا:
أرى أن كتب الصلوات الشخصية ليست بلا شك أقل الكتب إثارة للاستهجان بين الكتب والعقائد العديدة الضارة والخادعة التي تضلل المسيحي، وتؤسس عددا لا حصر له من الاعتقادات الخاطئة. ترسخ هذه الكتب في رءوس البسطاء إحصاء الخطايا التعس والذهاب للاعتراف، وسخافات أخرى ليست من المسيحية في شيء عن الصلوات إلى الله وقديسيه! بالإضافة إلى ذلك، فهذه الكتب تمتلئ بوعود بالغفران، وتصدر بزخارف بالحبر الأحمر وعناوين جميلة. يجب إدخال تعديلات أساسية شاملة على هذه الكتب ما لم يجب محوها تماما.
طرح لوثر كتيبه عن الصلوات معللا ذلك بأنه لا يملك الوقت لإجراء مثل هذه التعديلات، ومؤكدا على أن الصلاة الربية تكفي في جميع الأوقات، وعلى أن التوجه بصدق على الدوام إلى الله أكثر أهمية من الاسترسال في كلمات الدعاء. إلا أنه - وهو نفسه يشتهر بالاسترسال في الحديث - تطرف في حثه على ذلك إلى حد قد يؤذي أسماع المتقين، حتى إنه طلب من أحد النبلاء النمساويين توفيت زوجته، في خطاب عزاء أن يتوقف عن دفع المال نظير جميع صلوات المساء والقداس والصلوات اليومية من أجل زوجته، ونصحه بدلا من ذلك قائلا:
يكفي لسموك أن تتضرع بإخلاص مرة أو مرتين من أجلها، فقد وعد الرب أن كل ما تطلبه منه وتؤمن بأنك ستناله فستناله حتما (سفر لوقا الإصحاح الحادي عشر، الآية التاسعة والعاشرة). أما إن كررت الدعاء مرة بعد أخرى من أجل الشيء نفسه، فهذا ينم عن عدم تصديق الله، فلا تزيد الرب بصلاتك التي يعوزها الإيمان إلا سخطا. لا شك أن علينا أن نتضرع على الدوام إلى الله، ولكن علينا أن نفعل ذلك موقنين ومؤمنين بأنه يسمع دعاءنا، وإلا كان دعاؤنا غير مجد.
أعرب لوثر في الأعوام الأخيرة من حياته عن رضاه عن المسيحية الجديدة الناشئة بفضل جهوده، وإحباطه منها. لكن كان من المحتم أن يولد مشروع هائل بحجم حركة الإصلاح الديني كلا الشعورين. فعلى الرغم من إصرار لوثر على أن المؤمن الذي يتبرر بإيمانه فقط وبإخلاصه في حب الرب، يظل مذنبا بحاجة إلى الغفران، فقد تصور عالما مسيحيا مليئا بقديسين أكثر من المذنبين، لكن - كما أثبتت الأجيال اللاحقة - تبين أن تلك غاية متعذرة التحقيق.
الفصل السادس
الإصلاح السياسي
Неизвестная страница