Загадка Иштар
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Жанры
10
إن الاعتقاد بتجسيد الشجرة لروح الخصوبة قد استمر في أشكال مختلفة، وحفظت لنا معتقدات القبائل البدائية في العصر الحديث بعض آثاره؛ ففي بورما جرت العادة لدى بعض القبائل أن يخرج أفرادها عند انحباس المطر إلى الحرش القريب، فينتخبون أكبر الشجرات، ويطلقون عليها اسم إلههم الموكل بالخصب والمطر، ثم يقدمون لها القرابين من خبز وثمار وطيور ويتضرعون إليها قائلين: أيها الإله ارحم عبادك الفانين لا تحبس عنهم المطر، أيها الإله تقبل قرباننا وهبنا مطرا لا يكف ليل نهار. وتعقد بعض القبائل الأفريقية بأن إلهة الإنبات تتجسد في بعض الأشجار الطويلة الضخمة، فتخرج إليها في مواسم معينة، فتصلي وتضرع طالبة محصولا وفيرا وغلة، ثم يرقص النساء والرجال في أزواج حولها، حاملين في أيديهم حزما من القمح. وفي شمال الهند تعتقد بعض القبائل بقدسية شجرة جوز الهند؛ إذ يرون فيها تجسيدا لإلهة الخصوبة والتوالد، فيخرجون إليها ويسكبون فوق جذورها ماء التقدمات المقدس، طالبين إليها مباركة نسل الإنسان والماشية.
11
وفي أوروبا كانت عبادة الشجرة من العبادات الرئيسية عند الفتح الروماني لها. وكانت شجرة البلوط من أكثر الأشجار قدسية وتجسيدا للقدرة الإلهية المخصبة.
12
وإلى يومنا هذا، ما زال أهل الريف في أوروبا يقومون بشعائر لا تخفي طابعها العشتاري القديم. ففي أول شهر أيار (مايو)، يقام في كثير من المناطق الريفية الأوروبية احتفال يبدؤه الفلاحون بالتوجه إلى الغابة، فيقتطعون شجرة يحملونها إلى وسط القرية، حيث ينصبونها في الساحة ويحتفلون حولها . أو يأتي كل منهم من الغابة بغصن فيعلقه على باب بيته لاستمداد البركة من روح الشجرة. وقد تثبت هذه الأغصان على أبواب الحظائر لتكثر من مواليد الماشية وتجري اللبن غزيرا في ضروعها، وقد توضع في حجرة نوم الأزواج الجدد. تبقى شجرة أيار في ساحة القرية، وتبقى أغصانها معلقة على أبواب البيوت والحظائر عاما كاملا؛ فإذا أتى ربيع آخر، آن وقت استبدالها بشجرة أخرى عبقة بعطر الربيع الجديد، شجرة تحمل روح الإنبات وقد تجددت بعد سبات. وفي عيد العنصرة، كان من عادة الفلاحين في روسيا إلى مطلع القرن الماضي الذهاب إلى الغابات وسط الأغاني المرحة والأهازيج، فيقطعون شجرة غضة من شجر البتولا، ويضعون عليها ثيابا نسائية يزينونها بالشرائط الملونة، ثم يعودون بها إلى القرية فيضعونها في أحد البيوت طيلة فترة العيد، حيث يترددون عليها كضيفة شرف. وفي اليوم الأخير يمضون بها إلى نهر فيلقونها فيه.
13
ولقد خلد فن الشرق الأدنى القديم عشتار الشجرة، من خلال معالجته لموضوع شجرة الحياة التي تظهرها الأعمال التشكيلية بشكل زخرفي تبسيطي جميل، وعن يمينها ويسارها مخلوقات خرافية، تحرسها آنا، وتتعهدها بالسقاية والرعاية آنا آخر (الشكل
4-5 ). وشجرة الحياة هذه التي مثلتها في الميثولوجيا اليونانية الرومانية الشجرة الضخمة القائمة وسط غابة ديانا-أرتميس، هي التي تظهر مجددا في مركز الجنة التوراتية التي غرسها يهوه: «وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم الذي جبله. وأنبت الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل. وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر.» ولكن آدم أكل من شجرة معرفة الخير والشر بعد أن أغوت الحية حواء، وخاف الإله أن تمتد يده إلى شجرة الحياة: «فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل في الأرض التي أخذ منها، فطرد «الرب» الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن «ملائكة» الكروبيم، وسيف لهب متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة.»
14
Неизвестная страница