Загадка Иштар
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Жанры
ولذلك لم يكن من قبيل المصادفة أن يظهر في السماء كوكب الأم الكبرى ليرعى الميلادين.
الأم القمرية، أم واحدة
لم يتم بالفعل تحطيم صورة الأم الكبرى وتشتيتها إلى صور مختلفة تحت أسماء متعددة، إلا على النطاق الديني الرسمي؛ لأن صورتها الأولى كأم واحدة للكون والبشر قد استمرت في الضمير الشعبي، واستمرت معتقداتها وطقوسها وعباداتها قائمة إلى جانب العبادات الرسمية. ثم تحولت في الفترات المتأخرة إلى عبادات سرية تمارس في الخفاء، كما سنشرح ذلك مفصلا في فصل لاحق مستقل. وها هو الكاتب الروماني «أبوليوس» الذي دخل في ديانة إيزيس بعد شيوعها في الإمبراطورية الرومانية، وصار أحد كهنتها سنة 200 بعد الميلاد، يعلن في كتابه الكلاسيكي المشهور
The Golden Ass
وحدة التجليات العشتارية جميعا في الأم القمرية الكبرى، الذات الإلهية الواحدة التي تختصر كل الآلهة والإلهات. وفي النص الذي سأنقله فيما يأتي: تظهر عشتار بكل أبهتها وعظمتها للنبيل «لوكيوس» تلبية لدعواته وصلواته، وترفع عنه لعنة السحر الذي حوله إلى حمار سنوات طويلة: «لم يمض وقت طويل، حتى هزني خوف مفاجئ، فتحت عيني ورأيت قمرا بدرا متألقا يطلع من البحر، في هذه الأوقات السحرية تستكمل إلهة القمر، السيدة الوحيدة للجنس البشري قوتها وجلالها. إنها الإلهة المشعشعة التي تسند بقواها المقدسة كل الموجودات الحية والجمادات، التي يحكم مدها وجزرها إيقاع الحياة في كل الأجسام، سواء في الأرض أم في الهواء، أم تحت البحار. كنت أعلم ذلك كله، ولذا فقد انتويت أن ألجأ إلى تجلي الإلهة المرئي، فلعل إلهة الحظ قد قررت أخيرا أنني عانيت من الآلام ما يكفي، وأن فرصتي للخلاص قد لاحت. قفزت من مكاني ونزلت إلى البحر حيث تطهرت سبع مرات، ثم توجهت إلى الإلهة بهذه الصلاة وكلي أمل وفرح، ودموعي تغمر وجهي: «يا ملكة السماء المباركة، بأي اسم تحبين أن أدعوك؟ هل أدعوك «سيريس» أم المحاصيل التي لعثورها على ابنتها «بيرسفوني» أعطت الناس قمحا وخبزا بعد أن كانوا يلتقطون جذور البلوط البسيط طعاما؟ هل أدعوك «فينوس» النورانية، التي منذ بدء الخليقة جمعت بين الذكر والأنثى برباط الجنس والحب؛ فقدرت بذلك استمرار نسل البشر إلى الأبد؟ هل أدعوك «أرتميس» أخت أبولو المنير، مخففة آلام النساء عند المخاض؟ هل أدعوك «بيرسفوني» المخيفة التي يصرخ إليها البوم في المساء، ذات الوجه الثلاثي الذي يرعب الأشباح ويتركهم تحت الأرض؟ أي إلهتي، يا من ترتعين في غاباتك المقدسة، ويتعبدك الناس بطقوس مختلفة متنوعة، يا من ترسلين ضوءك الأنثوي فينير جدران كل مدينة، وشعاعك الرقيق فيغذي البذور تحت التربة، يا من تحكمين مسار الشمس وقوة شعاعها، أتضرع إليك بأي اسم وبأي وجه أو هيئة، وبأية طقوس، رأفة بي وبيأسي، أنعشي آمالي المحطمة وهبيني أمنا وسلاما بعد طول العذاب، أو فهبيني نعمة الموت».»
عندما أنهيت صلاتي وأفرغت ما في صدري المثقل، عدت إلى مكاني حيث عاودني النعاس، وقبل أن أغلق أجفاني، بدأ خيال امرأة يطلع من وسط البحر. كان لها وجه لو رآه معي جميع الآلهة لسجدوا تعبدا لجماله. طلع رأسها أولا، ثم أخذ جسدها اللألاء يظهر تدريجيا حتى انتصبت أمامي بتمامها فوق سطح الماء. إن الكلام البشري ليعجز عن وصف ما رأيت. ولكن لعل الآلهة نفسها تسعف خيالي بنفخة شعرية تكفي لإعطاء ومضة مما شهدت عيناي.
كان شعرها الطويل الغزير ينسدل جدائل مستدقة الأطراف على عنقها الجميل، فوقه إكليل شبكت إليه كل أنواع الورود، وحول الرأس قرص نوراني يسطع كمرآة أو كوجه القمر البهي؛ مما أنبأني عن حقيقتها. وكان أفعوانان ينتصبان من يديها اليمنى واليسرى ليسندا ذلك القرص. على جانبهما تنطلق سنابل القمح، أما ثوبها فمن قطن متعدد الألوان؛ بين أبيض ناصع وزعفراني وأحمر متقد، مزينة حواشيه بأصناف الزهور والفاكهة، تتعلق به وتتأرجح مهتزة مع النسيم، فوق الثوب عباءة ذات سواد لماع، تتقاطع مع جسدها من الورك الأيمن إلى الكتف الأيسر، ذات طيات كثيرة، مطرزة بالنجوم عند الأطراف، وفي الوسط منها يشرق قمر ناري ملتهب، وفي قدميها نعل من ورق النخيل. ابتدأت الإلهة كلامها إلي، ففاحت كل عطور الجزيرة العربية وملأت الجو، قالت: أنا الطبيعة، الأم الكونية وسيدة الموجودات جميعا، ابنة الزمن البدئي وربة كل شيء حي، ملكة الأموات، وملكة أهل الخلود. أنا التجلي الأوحد لكل الآلهة والإلهات، حاكمة السماوات العليا وبحار الأرض، والعالم الأسفل. يعبدني الجميع في وجوه متعددة وتحت أسماء كثيرة، ويتقربون إلي بطقوس مختلفة في جميع أرجاء الأرض. يطلق علي الفريجيون اسم «بيسنيوتيكا» أم الآلهة، والأثينيون «أرتميس». في قبرص أنا «أفروديت»، وفي كريت «ديكتينا»، وفي صقلية «بيرسفوني»، وفي إيلوسيس الإغريق أنا «أم القمح». البعض يدعونني «جونو» والبعض «بيلونا» سيدة المعارك، والبعض «هيقات»، والبعض «هارمونيا». أما الأثيوبيون الذين تشرق الشمس من أرضهم، والمصريون المتفوقون في الحكمة القديمة، فيدعونني باسمي الحقيقي: الملكة «إيزيس»، ويعبدونني بالطقوس اللائقة بي.»
63
الفصل الرابع
عشتار الخضراء
Неизвестная страница