Загадка Иштар
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Жанры
8
وهي سيدة النبوءة التي تتحدث بلسان عشتار البابلية فتقول: «بكل اكتمالي أتجلى فأعطي النبوءات للبشر.»
9
وعند الإغريق هي «صوفيا» ومنها جاءت كلمة (فيلو-صوفيا) أي: حب الحكمة التي أطلقت على الفلسفة بمعناها المعروف فيما بعد. يصور عمل فني من العصور الوسطى «صوفيا» جالسة على رأسها تاج على هيئة ثلاث رءوس أنثوية؛ واحد يتجه نحو الأمام، وآخر نحو اليسار، وثالث نحو اليمين، رمز التثليث العشتاري القديم، وحولها الفنانون والأدباء والشعراء والفلاسفة يستمدون منها وحيهم. وفي عمل آخر نراها في هيئة سيدة جليلة القدر كاملة اللباس، تخرج ثدييها فترضع منهما رجلين جاثيين حليب الحكمة. وفي عمل ثالث نراها على هيئة امرأة متوجة تمسك بيدها اليسرى صولجانا وباليمين كتابا مفتوحا، ومن قلبها يتفجر تيار من الماء يتلقفه تحتها بأفواههم موسيقيون وعلماء وفلاسفة وجنود. وهكذا يتحول حليب الأم الكبرى الذي رأيناه في أشكال سابقة ينبثق من ثدييها ليسقي الأرض ويعطي البشر غذاءهم الأرضي، إلى حليب الحكمة الذي يهبهم غذاءهم الروحي.
تظهر علاقة الحكمة بعالم الليل والظلام، في أسطورة تيريسياس حكيم الإغريق المشهور، الذي لم تخب له نبوءة قط، والذي تنبأ لأوديب الملك بمصيره الفاجع في الأسطورة والتراجيديا المعروفة. كان تيريسياس يتجول في الغابة عندما رأى حيتين تتجامعان فضربهما بعصاه. عند ذلك تحول تيريسياس بتأثير سحر غامض إلى امرأة، وعاش في حالته الأنثوية سبع سنوات. وفي السنة الثامنة كان يتجول في نفس الغابة عندما رأى نفس الحيتين تتجامعان فضربهما مرة ثانية لعل السحر يزول عنه، وكان كذلك؛ إذ عاد تيريسياس إلى حالته الذكرية. وكان بعد مدة، أن وقع جدال بين كبير الآلهة زيوس وزوجته هيرا، حول موضوع المتعة الجنسية، وأي الجنسين أكثر استمتاعا بالجماع من الآخر. فاستدعى زيوس تيريسياس للفصل في هذه المسألة؛ لأنه أكثر الناس مقدرة على الحكم في ذلك، لكونه قد عاش الحياة الجنسية بشكليها الذكري والأنثوي. حكم تيريسياس إلى جانب زيوس وقرر أن المرأة أكثر استمتاعا من الرجل بالعملية الجنسية. وهنا ثار غضب هيرا، وضربت تيريسياس بالعمى، ولكن زيوس تعويضا له عما فقد من بصر، وهبه الحكمة وقدرة على النبوءة ومعرفة الغيب.
10
لقد كف بصر تيريسياس عن نور الشمس ولكن بصيرته الداخلية فتحت على حكمة الظلام؛ إذ لا حكمة دون الانكفاء على عالم الأم القمرية المعتم.
إلا أن زيوس الذي وهب تيريسياس الحكمة، لم يكن هو نفسه يملك حكمة أصيلة؛ فحكمته كانت مكتسبة من أحد الأشكال العشتارية السابقة على تاريخ الإغريق المكتوب. تحكي الأسطورة الإغريقية:
11
أن إلهة الحكمة القديمة «ميتيس» ابنة الزوجين المائيين «أوقيانوس» و«ثيتيس»، كانت أولى زوجات زيوس، وهي التي وصفها هزيود صاحب كتاب «أصول الآلهة» بأن لها من الحكمة أكثر مما لكل الآلهة مجتمعين . وعندما حملت ميتيس من زيوس، جاءته نبوءة مفادها أن زوجته ستضع له أطفالا يفوقونه قوة ويتحدون سلطانه. عند ذلك قام زيوس بابتلاع ميتيس قبل أن تضع له مولودها. وعندما جاء ميتيس المخاض وهي في أعماق زيوس، انتابه صداع أليم لم يهدأ حتى عمد الإله هيفستوس إلى شج رأسه بفأس، ومن الشق العميق ولدت «أثينا» منبثقة بكامل عدتها الحربية، أما أمها ميتيس فقد بقيت في جوف كبير الآلهة تمده بفيض حكمتها وإلهامها.
Неизвестная страница