63

Поэтический язык

اللغة الشاعرة

Жанры

فإذا نظر خبير الخطوط في صفحة من الصفحات، فقد تغنيه نظرة في الحكم عليها بالصحة أو التزييف، وربما جاز عليه أمر الكلمة والكلمات، إذا لم يكن أمامه غير هذه الكلمة أو هذه الكلمات للمقابلة والمضاهاة، ولكنه إذا حصل على تلك الكلمة مكتوبة عشر مرات أو عشرين مرة لم يكن من اليسير أن ينخدع فيها، كما ينخدع في الكلمة المفردة بغير تكرار، وعلى هذا المنوال يبدو الصحيح والزيف في الشعر الأصيل والشعر المدخول، وقد يجوز التزوير في الشطرة الواحدة أو البيت الواحد إذا امتنعت المقارنة بينه وبين أمثاله من تلفيق صاحب التزوير، ولكنه لا يجوز إذا كرر المزور الأبيات، ومثلت للناظر الناقد طريقته في تزوير هذه الأبيات المتفرقات.

أما المستحيل، أو شبيه المستحيل، فهو تزوير أدب كامل ينسب إلى الجاهلية، ويصطبغ في جملته بالصبغة التي تشمله على تباين القائلين والشعراء، فإذا جمعنا الشعر المنسوب إلى الجاهلية كله في ديوان واحد، فمن المستحيل أو شبيه المستحيل أن نجمع ديوانا يماثله، ولا يخالفه من كلام العباسيين أو كلام الأمويين المتأخرين، وإذا قل الفارق بين الشعر المخضرم والشعر الأموي الأول والشعر الجاهلي، فتلك آية على صحة العلامات التي تميز الشعر الجاهلي، وعلى صحة القرابة بينه وبين الشعر الذي لم يفترق عنه افتراقا بعيدا بزمانه وثقافة قائليه، وبيئاتهم في المعيشة ومناسبات التعبير، فلا يتشابه الشعر الجاهلي والشعر المخضرم، إن لم يكن بينهما ميزان مشترك، مع انتمائه إلى عشرات الشعراء الجاهليين والمخضرمين.

إن الملامح الشخصية التي تميز بين الفرزدق والأخطل وجرير لم يكن لها ثبوت أوضح وأقوى من ثبوت الفوارق، التي تميز بين امرئ القيس وعمرو بن كلثوم وزهير، فمن يرى أن خلق دواوين الفرزدق والأخطل وجرير في وسع راوية واحد، فقد سهل عليه أن ينسب شعر الجاهليين جميعا إلى راوية أو رواة، ولكنه يذهب في الحالين مذهبا لا سند له، ولا سابقة من مثله في آداب الأمم، ولا نصيب له من الذوق الأدبي غير النبو والاستغراب.

وربما كان «سنكلر ثسديل» الذي مثلنا به لجهل المستشرقين باللغة والذوق الأدبي، وشواهد التضمين والاقتباس مثلا صارخا كما يقال في التعبير الحديث، ولكن المثل الصارخ هو الذي يبرز الحقيقة مستعصية على اللبس والمكابرة، ويحيط بما دونه من الأمثلة التي تتردد بين الشك واليقين، وقد أتينا على طائفة منها لا تتخلف عن المثل الصارخ بشوط بعيد. •••

على أن موازين النقد الأدبي الذي اشتغل به هذا النفر من المستشرقين لا تسلم على هينة من جراء أخطائهم؛ لأنهم ضللوا أناسا من تلاميذهم فاتبعوهم في أكثر الأخطاء التي كانوا يقعون فيها من جراء عجزهم عن النفاذ إلى حقائق التاريخ، وأسرار البلاغة العربية.

ولا بد من مراجعة طويلة يستعان فيها بموازين البحث العلمي على تصحيح تلك الأخطاء، ونأتي فيما يلي بمثل من أمثلة النقد في مسألة من مسائل الأدب القديم المشهورة لاتباع المنهج المفيد في المراجعة والتصحيح، كما اتصل الأمر على الخصوص بالفروض التي تتردد عن التاريخ المجهول.

النقد العلمي

لا بد من حيلة ناجعة غير حيلة الرفض المطلق أو القبول المطلق، أو الظن المتردد بين الطرفين - كلما عرضت للناقد مشكلة من مشكلات الأخبار الأدبية أو التاريخية التي يختلط فيها الصدق بالكذب، والخرافة بالواقع والحقيقة بالخيال، ولا يخلو منها مرجع من مراجع التاريخ القديم، أو من المراجع العصرية في كثير من الأجيال.

فما هي هذه الحيلة الناجعة؟ إن الظن فيها لا يغني شيئا إلا إذا أخذناه مأخذ الظنون، ولم نزعم أنه يترقى إلى مرتبة القول الملزم أو الرأي المقبول.

ونعتقد أن النقد العلمي في العصر الحديث وشيك أن يعتمد على وسيلة من أوثق الوسائل التي تستند إلى الحجة المقنعة ، ولا تكتفي بترجيحات الظن أو الذوق على ديدن النقاد قبل العصر الأخير، ونود في هذا المقال أن نجرب طريقة هذا النقد العلمي في سيرة من أحوج السير إلى التمحيص، وأكثرها قبولا لتطبيق هذه الطريقة على وجه واضح ...

Неизвестная страница