الحكم الثالث: دلت الآية الكريمة على أنه لا يجب على الله - تعالى - رعاية [الصلاح والأصلح] في الدين؛ لأنه لو كان الإرشاد على الله - تعالى - واجبا لم يكن ذلك إنعاما، وحيث سماه الله - تعالى - إنعاما علمنا أنه غير واجب.
الحكم الرابع: لا يجوز أن يكون المراد بالإنعام الإقدار على الإيمان؛ لأن الله - تبارك وتعالى - قدر المكلف عليه، وأرشده إليه، وأزاح أعذاره وعلله عنه، لأن كل ذلك حاصل في حق الكفار، فلما خص - تعالى - بعض المكلفين بهذا الإنعام، مع أن الإقدار، وإزاجة العلل حاصل في حق الكل، علمنا أن المراد ليس هو الإقدار، وإزاحة الموانع.
قوله تعالى: { غير المغضوب عليهم ولا الضآلين }
" غير " بدل من " الذين " بدل نكرة من معرفة.
وقيل: نعت ل " الذين " ، وهو مشكل؛ لأن " غير " نكرة و " الذين " معرفة، وأجابوا عنه بجوابين:
أحدهما: أن " غير " إنما يكون نكرة إذا لم يقع بين ضدين، فأما إذا وقع بين ضدين فقد انحصرت الغيرية، فيتعرف " غير " حينئذ بالإضافة، تقول: " مررت بالحركة غير السكون " والآية من هذا القبيل، وهذا إنما يتمشى على مذهب ابن السراج، وهو مرجوح.
والثاني: أن الموصول أشبه النكرات في الإبهام الذي فيه، فعومل معاملة النكرات.
وقيل: إن " غير " بدل من المضمر المجرور في " عليهم " ، وهذا يشكل على قول من يرى أن البدل يحل محل المبدل منه، وينوي بالأول الطرح؛ إذ يلزم منه خلو الصلة من العائد، ألا ترى أن التقدير يصير: " صراط الذين أنعمت على غير المغضوب عليهم ".
و " المغضوب " خفض بالإضافة، وهو اسم مفعول، والقائم مقام الفاعل الجار والمجرور، ف " عليهم " الأولى منصوبة المحل، والثانية مرفوعته، و " أل " فيه موصولة، والتقدير: " غير الذين غضب عليهم ".
والصحيح في " أل " الموصولة أنها اسم لا حرف.
Неизвестная страница