Лорка, поэт Андалусии

Махир Баттути d. 1450 AH
126

Лорка, поэт Андалусии

لوركا شاعر الأندلس

Жанры

وما إن يحل صيف 1933م، حتى يكون لوركا غارقا حتى أذنيه في ثلاثة أعمال مسرحية جديدة: «الجمهور»، الذي يقول إنها لن تمثل لأنها «غير قابلة للتمثيل على المسرح أبدا»، و«عندما تمر خمس سنوات» وهي مسرحية تدور حول فكرة الزمن، و«يرما» وهي الحلقة الثانية في الثلاثية الدرامية الأندلسية، ويرجع إلى تلك الفترة تعرفه وصداقته، في إحدى رحلاته مع مسرح «لاباراكا» في شمال إسبانيا، ب «مارسيل أو أوكلير» الكاتبة الفرنسية التي ترجمت «عرس الدم» إلى الفرنسية، ثم كتبت بعد ذلك إحدى أدق وأكمل سيرة فنية لحياة الشاعر بعنوان «حياة لوركا وموته».

وفي أغسطس، يغلق «لاباراكا» أبوابه ونشاطه في إجازة صيفية، ثم يقبل لوركا في سبتمبر دعوة من جمعية أصدقاء الفن في «الأرجنتين»، لزيارتها وإلقاء عدة محاضرات هناك، ولحضور عروض «عرس الدم» التي تقدمها فرقة الممثلة الأرجنتينية المشهورة «لولا ممبريفس»، ويصل لوركا إلى ميناء «بوينس آيرس» في 13 أكتوبر 1933م، ويقضي في العاصمة الأرجنتينية أياما مليئة بالنشاطات الأدبية والفنية، من محاضرات إلى أحاديث إذاعية وعروض مسرحية وحفلات تكريم، وتعرض على مسرح «أفنيدا» بيوينس آيرس مسرحيات لوركا «عرس الدم» و«الإسكافية العجيبة» و«ماريانا بينيدا»، ويشترك هو نفسه في إلقاء مقدمة «الإسكافية العجيبة»، وفي أواخر يناير 1934م، يسافر الشاعر إلى «منتفيديو» عاصمة الأوروجواي المجاورة للأرجنتين، حيث يلقي عدة محاضرات هناك، ويستقبله سفير إسبانيا في الأوروجواي.

وبعد عودة لوركا إلى الأرجنتين، ينظم نادي القلم الدولي مهرجانا في ذكرى شاعر «نيكاراجوا» «روبين داريو»، رائد الشعر الإسباني الحديث، الذي ترك بصمات واضحة في شعراء جماعتي 98 و27، ويشترك في المهرجان لوركا والشاعر الشيلي العظيم «بابلو نيرودا»، حيث يلقيان معا محاضرة ثنائية عن «داريو»، وكانت هذه أول مرة يلتقي فيها الشاعران الكبيران لوركا ونيرودا، حيث ربطت بينهما صداقة حميمة، استمرت حتى موت لوركا في عام 1936م، وكتابة نيرودا مرثية شهيرة عنه، وقد ترسخت تلك الصداقة حين انتقل «نيرودا» بعد ذلك في يوليو 1934م قنصلا لبلاده في مدريد، وأصبحت الندوات والتجمعات الأدبية قلما تخلو من هذين البلبلين المغردين: لوركا الذي يتلو أشعاره الشعبية ويغني أغاني الفولكلور والفلامنكو على البيانو، ونيرودا يقرأ بعض قصائده الجديدة التي لم تنشر بعد، وكان أكثر شيء لاحظه أصدقاء لوركا عليه عند عودته من أمريكا اللاتينية إلى إسبانيا في أبريل 34، هو انبهاره بموهبة الشاعر الشيلي بيرودا، فكان خير مرهص به وبأعماله لدى الشعراء والكتاب الإسبان، مما مهد له الطريق بعد ذلك عند وصوله إلى مدريد.

فاجعة مصارع الثيران

مع بداية فصل الصيف من عام 1934م، كان شاعرنا يضع لمساته الأخيرة في مسرحيته الجديدة: يرما، متنقلا من موضع لآخر مع مسرح «لاباراكا»، وحين كان المسرح يقدم عروضه في مدينة «سنتندير» في شمال إسبانيا، يصله النبأ الفاجع بإصابة صديقه الحميم «إجناثيو سانشز ميخياس» مصارع الثيران العظيم، في حلبة المصارعة في مدريد يوم 11 أغسطس، ويتأثر لوركا تأثرا عظيما بهذا الحادث، الذي أودى بحياة صديقه في النهاية، ويجد نفسه مرة أخرى وجها لوجه أمام الموضوع ، الذي ما فتئ يناوشه منذ زمن: موضوع الموت.

وقد أشار كثير من النقاد إلى ذلك الموضوع الذي شغل بال الشاعر كثيرا، وتبدى في كثير من «تيمات» قصائده وصوره الشعرية، فكما ذكر بدرو ساليناس في مقالة له عن موضوع الموت لدي لوركا، يكمن «الموت» في قصائده، في الأعمال الطبيعية العادية، وفي الأماكن التي لا ينتظره أحد فيها، وما إن يدخل القارئ إلى عالم لوركا الشعري في قصائده ومواويله وحكاياه ومسرحياته حتى يشعر أنه ينغمر في جو غريب. إن المناظر التي يقدمها شعبية عادية، ولكن أجواءها تعمر بالنذر والمخاطر الخفية، وتعبرها الاستعارات والتشبيهات الشعرية كطيور الشؤم، ومصير كل الشخصيات التي يخلقها لوركا - سواء في شعره أو في مسرحياته - مآلها إلى الموت، فالمؤلف يخلقها ويضعها في طريق لا يؤدي بها إلا إلى الموت، ويتبدى هذا أكثر ما يتبدى في ثلاثيته المسرحية: عرس الدم - يرما - بيت برناردا ألبا، وهذا ما يدعو إلى القول بأن رؤيا الحياة والإنسان لدى لوركا، قد تأسست على فكرة الموت، والشاعر في هوسه بهذا الموضوع وتغلغله فيه، إنما يعكس التسليم بأهمية الموت ومكانه في حياة الإسبان عموما، فالشعب الإسباني هو من أكثر شعوب العالم قربا من عقيدة الموت، التي تتبدى - على مر العصور - في فنونه من تصوير ونحت وأعمال قصصية ومسرحية تدور حول هذا الموضوع، ولا عجب أيضا أن كانت الرياضة الأولى لدى الإسبان - وهي ترجع إلى ما قبل الفتح العربي الإسلامي - هي رياضة مصارع الثيران، التي إن هي إلا تمثيل حي للصراع بين الحياة والموت، ينتهي أحيانا بموت المصارع، وحتما بموت الثور ...

لذلك كانت أشمل مواجهة فنية بين لوركا وبين فكرة الموت، تتصل بالقصيدة التي سطرها غداة وفاة صديقه مصارع الثيران ... وكان «سانشز ميخياس» قد اعتزل حلبة المصارعة بعد نجاح باهر، ولكن هيامه بهذه الرياضة - رياضة الرجال والشجاعة ومواجهة القدر - دفعته إلى العودة إلى مضمارها، وقد بلغ من العمر الثالثة والأربعين، وهي سن عالية يعتزل فيها المصارعون عادة عملهم ... وبعد حفلات عديدة ناجحة، يطلب منه أحد زملائه المصارعين أن يحل محله في مصارعة بمدريد، وهي التي انتهت بإصابته بجرح بليغ من قرن ثور أسود ضخم، صارع المصارع بعده الموت لمدة يومين، ثم قضى في 13 أغسطس ضحية حبه لهذه الرياضة ولشجاعته أمام الثيران.

ويصيب لوركا أحزانه على صديقه في مرثية صادقة من أربعة أقسام كتبها كلها في أربعة أيام، ويتناقلها الأصدقاء والشعراء قبل أن تطبع في النهاية في كتيب شعري وحدها مع سوم بريشة «خوسيه كاباييرو»، وهذه المرثية من أشهر قصائد لوركا الطويلة، ونقف جنبا إلى جنب مع المراثي الشعرية الخالدة، مثل المرثية التي كتبها «توماس جراي»، ومرثية «أدونيس» التي سطرها شيلي في رثاء «جون كيتس» وغيرهما، وقد نجح لوركا في تصوير جو مصارعة الثيران، مقرونا بنفسية المصارع والجمهور، إلى حد يجعل القارئ يدخل مباشرة إلى جو الصراع الأبدي بين المصارع والثور، بين الإنسان والقدر، الذي يجعله دائما في مواجهة الموت، الذي يأتي دائما في النهاية: (1) الجرح والموت

في الخامسة من بعد الظهر

كانت الساعة الخامسة تماما بعد الظهر

Неизвестная страница