Linguistic Fallacies
مغالطات لغوية
Издатель
مؤسسة هنداوي
Место издания
٢٠١٨ م
Жанры
جانب آخر، وهو أن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها، ولكن لأن يُضَمَّ بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد، وهذا علم شريف وأصل عظيم (علم التراكيب Syntactics) والدليل على ذلك أنا إن زعمنا أن الألفاظ التي هي أوضاع اللغة إنما وضعت ليعرف بها معانيها في أنفسها، لأدى ذلك إلى ما لا يشك عاقلٌ في استحالته، وهو أن يكونوا قد وضعوا للأجناس الأسماء التي وضعوها لها لنعرفها بها حتى كأنهم لو لم يكونوا قالوا: رجل وفرس ودار، لما كان يكون لنا علم بمعانيها، وحتى لو لم يكونوا قالوا: فعل ويفعل، لما كنا نعرف الخبر في نفسه وفي أصله، ولو لم يكونوا قالوا: افعل، لما كنا نعرف الأمر من أصله ولا نجده في نفوسنا، وحتى لو لم يكونوا قد وضعوا الحروف لكنا نجهل معانيها؛ فلا نعقل نفيًا ولا نهيًا ولا استفهامًا ولا استثناء. وكيف والمواضعة لا تكون ولا تُتصوَّر إلا على معلوم، فمحال أن يوضع اسم أو غير اسم لغير معلوم، ولأن المواضعة كالإشارة فكما أنك إذا قلت: خذ ذاك، لم تكن هذه الإشارة لتعرف السامع المشار إليه في نفسه ولكن ليعلم أنه المقصود من بين سائر الأشياء التي تراها تبصرها، كذلك حكم اللفظ مع ما وضع له، ومن هذا الذي يشك أنا لم نعرف الرجل، والفرس، والضرب، والقتل إلا من أساميها؟ لو كان لذلك مساغٌ في العقل لكان ينبغي إذا قيل: زيد، أن تعرف المسمى بهذا الاسم من غير أن تكون قد شاهدته أو ذكر لك بصفة.» (^١) النظم إذن هو مقصد المفردات، ومناط المعنى، وجوهر الفصاحة.
(٧) الضرورة السيكولوجية في علاقة الدال/ المدلول
في كتابه «مسائل في اللسانيات» يؤكد بنفنيست وجود علاقة ضرورية بين الدال والمدلول، ولكن بمعنًى سيكولوجي معين، يقول بنفنيست، مقتفيًا مصطلحات دي سوسير ومحتذيًا حذو حجته: «إن العلاقة بين الدال والمدلول ليست اعتباطية بل هي على العكس علاقة ضرورية، فالفكرة أو المفهوم (المدلول) «ثور» مماثل في وعيي بالضرورة للمجموع الصوتي (الدال) ث ور، وكيف يكون الأمر على خلاف ذلك؟ فكلاهما نقشا في ذهني، وكل منهما يستحضر الآخر في كل الظروف، ثمة بينهما اتحاد وثيق إلى درجة أن الفكرة «ثور» هي بمثابة روح الصورة الصوتية ث ور. إن الذهن لا يحتوي على أشكالٍ خاوية،
_________
(^١) دلائل الإعجاز، ص ٣٤٤ - ٣٤٥.
1 / 82