ما أحرى هذا الخيال أن يجدد الحزن، ويزيده! وإلا فما بالنا نرى أن الشعراء أنفسهم أشد الناس حزنا وبكاء؟ يسلو الناس وهم لا يسلون، ويصبر الناس وهم لا يصبرون! •••
لا يعزيني أن أتذكر أيام السعادة، أيام كان الزمان غلامنا، أيام كنا نطوف بأكناف السحاب المخيم. أيام كنا نوزع السرور توزيعا.
أيام كنا نتساقى أكؤس الصفو ملاء، أيام كنا نبني علالي وقصورا في الهواء، أيام كنا سعداء! أيام كنا سعداء!
لا أذكر تلك الأيام إلا ثارت أشجاني وأحزاني. •••
ولكن الناس يتعزون ويعزون، فبم يتعزون ويعزون؟
يقولون لقد استراحت، ومن قال لكم إنها كانت تشتاق إلى هذه الراحة؟
يقولون إن الحزن يكون شديدا في أوله، ثم يخف شيئا فشيئا.
أيها الناس!
إن الحزن هو أثر المصيبة لا المصيبة نفسها، فإذا خف أو زال، فهل تخف المصيبة أو تزول؟ الحزن هو الألم لا المرض، فهل يزول المرض إذا عالجنا الألم بالمكمدات؟ ألا تكون المصيبة في عرفكم مصيبة إلا إذا كانت بنت ساعتها، فإذا مر عليها زمان قصير أو طويل بطل كونها مصيبة؟ أإذا عميت فلا أكون أعمى إلا في اليوم الأول، ثم أعود بصيرا؟!
يقولون كل شيء يكون في أول أمره صغيرا، ثم يكبر، إلا المصائب فإنها تكون في أول أمرها كبيرة، ثم تصغر.
Неизвестная страница