225

Уроки шейха Мухаммеда Ад-Дувиша

دروس الشيخ محمد الدويش

Жанры

أنه اجتمع له من المكارم ما لم يجتمع لغيره
لئن كان ﷺ امتاز بهذا الخلق العظيم، ومن الله ﷿ عليه بمكارم الأخلاق، فما هي تلك الخصائص والمزايا التي للنبي ﷺ وليست لأحد غيره من البشر؟ إنك قد تجد من الناس الذين تراهم صباح مساء من يعجبك خلقه، وقد تجد من هؤلاء من تشعر أنك لا تمل في الحديث عن حسن خلقه وأدبه وتتمنى أن تُرزق شيئًا مما رزقه الله ﷿، ولا شك أن الله ﵎ خص طائفة من خلقه بشيء من ذلك كما جبل صاحب رسول الله ﷺ على خصلتين يحبهما ﵎ الحلم والأناة، فقد جبل الله ﷿ طائفة من خلقه على حسن الخلق، لكن النبي ﷺ وإن كان في القمة في كل مجال وميدان من ميادين الخلق إلا أن له ﷺ من المزايا والخصائص ما لا تراه لسائر البشر، إنه ﷺ إن ذُكر أهل الحلم فهو أحلم الناس، وإن ذُكر أهل الغيرة فهو أغير الناس، وإن ذُكر أهل الشجاعة فهو أشجع الناس، وإن ذُكر أهل الجود فهو أجود الناس؛ فهو ﷺ في كل باب من أبواب الخلق الحسن قد بلغ أعلى غاية وأعلى منزلة يمكن أن يبلغها بشر وأن يصل إليها مخلوق، لكن مع ذلك فإنه ﷺ له من المزايا ما ليس لغيره: أولها: أن النبي ﷺ قد اجتمع له من الأخلاق ما لا يجتمع لأحد من البشر، إنك قد تجد فلانًا من الناس اشتهر بالجود وسارت الركبان بالحديث عن جوده وكرمه، بل صار مضرب المثل، وصارت تحكى الغرائب والروايات عنه، وقد تجد فلانًا من الناس اشتهر بالحلم وكظم الغيظ، وصرت تسمع من الحديث ما لا يكاد يصدقه عقلك، وصار مضرب المثل في ذلك، وقد ترى من اشتهر بالصبر، وقد ترى من اشتهر بالحياء، ترى من اشتهر بأي جانب من جوانب الخلق، وقلما تجد بشرًا من البشر أو مخلوقًا من المخلوقين امتاز بحسن الخلق إلا وترى أن هناك خلقًا معينًا هو عنوان خلقه، تراه امتاز بالسخاء، أو تراه امتاز بالصبر أو بالحلم، أو أي باب من أبواب الخلق، أما النبي ﷺ فقد جمع الله له ذلك كله، وما لم يُجمع لأحد غيره ﷺ فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الكرماء وإذا عفوت فقادرًا ومقدرًا لا يستهين بعفوك الجهلاء وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء وإذا غضبت فإنما هي غضبة للحق لا ضغن ولا بغضاء وإذا رضيت فذاك في مرضاته ورضا الكثير تحلم ورياء وإذا خطبت فللمنابر هزة تعرو الندي وللقلوب بكاء فقد جمع الله ﵎ له كمال الخلق في كل مجال وكل باب، تحدث ما شئت عن أي مجال وأي ميدان وائت بالشواهد من هنا وهناك فلن ترى أصدق شاهدًا مما روي عن هذا النبي العظيم ﷺ، تحدث عن الجود والكرم، تحدث عن الحلم، تحدث عن الرحمة، عن الصبر، عن الشجاعة، عن سائر الأخلاق، عن كل ما يمتدح به الناس من الخلق فسترى أن أصدق الشواهد هي ما يروى عن هذا الرجل العظيم ﷺ.

8 / 11