172

Уроки шейха Мухаммеда Ад-Дувиша

دروس الشيخ محمد الدويش

Жанры

صلاة النافلة في البيت
منها الصلاة، وهي أعظم ما يتقرب به الإنسان إلى الله ﷾، أوليس النبي ﷺ قد أمر الذي سأل مرافقته في الجنة أن يعينه بكثرة السجود؟ أوليست الصلاة هي أول ركن عملي يجب على الإنسان، وهي ثاني أركان الإسلام، وهي العمل الذي يكفر تاركه، وكان أصحاب رسول الله ﷺ لا يعدون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، فلعلو الصلاة وعظم شأنها ومنزلتها عند الله ﷾ صارت أول الأركان العملية وثاني أركان الإسلام، وصارت حدًا فاصلًا بين الإيمان والكفر والشرك، وصارت أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، وكلما فضلت فريضته فضلت نافلته.
وإذا تأكد وجوب أمر فهذا دليل على محبة الله ﷾ له، وعلى أنه يزيد العبد قربًا من الله ﷾، وعلى أن هذا العمل له أعظم الأثر في إصلاح العبد، له أعظم الأثر في إصلاح قلبه وحاله مع الله ﷾.
ومن عظمة الصلاة وعلو منزلتها أن الله ﷾ فرضها على نبيه ﷺ ليس في السماء، وإذا عظمت فريضة الصلاة عظمت نافلتها أيضًا، وإذا كانت الصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله فإنه كما في الحديث أيضًا: (إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة إن صلحت أفلح وأنجح، وإن فسدت خاب وخسر، وإن نقص شيء من صلاته قال الله ﷿: انظروا هل لعبدي من تطوع فيُكمل بها ما انتقص من صلاته).
إذًا: فصارت نافلة هذه الصلاة وسيلة لأن يكمل بها ما نقص من فريضته، فإذا كان هذا شأن فريضة الصلاة فلا شك أن نافلة العمل قريبة من فريضته، فكلما ازدادت الفريضة فضلًا ازدادت النافلة فضلًا، ولهذا أوصى ﷺ أن يصلي المرء في بيته، يعني النافلة والراتبة، وثبت في أحاديث عدة منها ما في الصحيحين من حديث ابن عمر ﵄ واللفظ لـ مسلم: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا) وفي رواية له أيضًا: (صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا) ولـ مسلم أيضًا: (إذا قضى أحدكم الصلاة فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا).
وفي قصة احتجاره ﷺ موضعًا في المسجد وصلاة الناس بصلاته، فصلوا الليلة الأولى، ثم الليلة الثانية، ثم الثالثة ثم لم يخرج إليهم ﷺ، وكان فيما قاله لهم ﷺ: (فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة).
وهذا نص عام يدل على أن أفضل صلاة المرء ما كان في بيته إلا الصلاة المكتوبة، وقد كان ﷺ يصلي الرواتب في بيته، وكان ﷺ يحث أصحابه على أن يصلوا الرواتب في بيوتهم مع أنه كان في مسجده ﷺ الذي تضاعف فيه الحسنات، وتضاعف فيه الصلاة، فالصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه، ومع ذلك يأمرهم ﷺ أن يصلوا في بيوتهم، وحقًا وصدقًا فإن صلاتهم في بيوتهم خير لهم من صلاتهم في مسجده ﷺ مع ما له من الفضل، فغيره من باب أولى، وهذا الأمر هدي راتب عند سلف الأمة، فحين نقرأ سير السلف نرى أنه قد حفظ عن الكثير منهم من أصحابه ﷺ، ومن تلاهم أنهم كانوا يصلون الراتبة والنافلة في بيوتهم.
في مصنف ابن أبي شيبة أن عبد الرحمن بن عوف ﵁ كان يصلي الركعتين بعد المغرب في بيته.
وفيه أيضًا عن سهل بن سعد ﵁ قال: لقد أدركت زمان عثمان بن عفان ﵁ وإنه ليسلم من المغرب فما أرى رجلًا واحدًا يصليهما حتى يخرجوا فيصلونها في بيوتهم.
وروى أيضًا عن ميمون قال: كانوا يستحبون هاتين الركعتين بعد المغرب في البيت.
وروى عن عبد الله بن يزيد قال: (رأيت السائب بن يزيد يصلي في المسجد ثم يخرج قبل أن يصلي فيه شيئًا) يعني لا يتطوع.
وروى أيضًا عن إبراهيم قال: سئل حذيفة ﵁ عن التطوع في المسجد يعني بعد الفريضة؟ قال: (إني لأكرهه).
بينما هم جميعًا في الصلاة كانوا يصلون الفريضة جماعة، ثم أصبح يصلي كل منهم التطوع لوحده، وهذه ليست دعوة منه ﵁ إلى أن يصلوا التطوع والراتبة جماعة ولكنها دعوة إلى أن يصلوا في بيوتهم.
وروى عن الأعمش قال: (ما رأيت إبراهيم متطوعًا في مسجد).
وأيضًا روى عن الربيع بن خثيم أنه ما رئي متطوعًا في مسجد الحي قط، والربيع بن خثيم من التابعين وهو الذي قال عنه ابن مسعود ﵁: (لو رآك رسول الله ﷺ لأحبك) كان رجلًا مشهورًا بالزهد والرقة والصلاح والتقوى، وكان من أصحاب ابن مسعود

6 / 4