204

Дурус шейха Ахмада Фарида

دروس الشيخ أحمد فريد

Жанры

أقوال المفسرين في قوله تعالى (إنما أوتيته على علم عندي) قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يقول تعالى مخبرًا عن جواب قارون لقومه حين نصحوه وأرشدوه إلى الخير: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص:٧٨] أي: أنا لا أفتقر إلى ما تقولون، فإن الله تعالى إنما أعطاني هذا المال لعلمه بأني أستحقه ولمحبته لي، والتقدير: إنما أعطيته لعلم الله في أني أهل له، وهذا كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ [الزمر:٤٩]. فالإنسان إذا أعطاه الله نعمة اعتقد أن الله ﷿ أعطاه لأنه يعلم حاله، فأعطاه هذا من باب التكريم. فقوله: ﴿عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص:٧٨] أي: على علم من الله بي، كما قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي﴾ [فصلت:٥٠] أي: أستحقه. وقد روي عن بعض المفسرين في قوله: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص:٧٨] أنه كان عنده علم الكيمياء، وهذا القول ضعيف؛ لأن علم الكيمياء في نفسه علم باطل؛ وقلب الأعيان لا يقدر أحد عليه إلا الله ﷿. وقال بعض المفسرين: قارون كان يعرف الاسم الأعظم، فدعا الله به فتمول بسببه، أي: حصل له هذا المال العظيم، وهذا القول ضعيف أيضًاَ. والقول الصحيح هو المعنى الأول: على علم عندي؛ ولهذا قال الله تعالى ردًا عليه فيما ادعاه من اعتناء الله به: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا﴾ [القصص:٧٨]. فكل من عنده مال ليس معناه: أن الله ﷿ يحبه، وأنه أعطاه هذا المال على علم منه بأنه يستحق هذا المال؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا﴾ [القصص:٧٨]؛ أي: قد كان من هو أكثر منه مالًا، وما كان ذلك من محبة منا له، وقد أهلكهم الله مع ذلك بكفرهم وعدم شكرهم؛ ولهذا قال: ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص:٧٨] أي: لكثرة ذنوبهم. وقال القاسمي: ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص:٧٨]؛ أي: لا يتوقف إهلاكه إياهم على سؤال يعتذر عنه، بل متى حق عليهم القول لفسقهم أهلكهم بغتة بلا معاتبة وطلب عذر.

25 / 5