Дары и уроки шейха Абдул Рахмана Аль-Махмуда
دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود
Жанры
أدلة مرتبة الكتابة
الله ﵎ كتب مقادير المخلوقات في اللوح المحفوظ، وهذا الكتاب هو الذي ذكره الله ﷾ في كتابه العزيز، كما في قوله ﵎: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام:٣٨]، على القول الصحيح في تفسير هذه الآية بأن المقصود بالكتاب هو اللوح المحفوظ، وإن كان هناك قول آخر بأن المقصود به هو كتاب الله القرآن.
ومن الأدلة التي تدل على إثبات الكتابة قول الله ﵎: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء:١٠٥]، فربنا ﵎ أخبر أن هذا مكتوب مسطور في كتبه، وهذه المرتبة المهمة شاملة للكتابة الشرعية والقدرية.
فالكتابة القدرية: أن الله ﷾ كتب ما يقع لعباده، ومثال الكتابة الشرعية أن الله ﷾ قال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ﴾ [النور:٥٥].
وكذلك أيضًا من الأدلة التي تدل على إثبات الكتابة قول الله ﵎ في قصة أسارى بدر: ﴿لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال:٦٨] أي: فلولا أن الله ﵎ قد قدر وسبق في كتابه أنه قد أحل للصحابة ﵃ وأرضاهم الغنائم، وأن الله ﵎ قد رفع عن هذه الأمة العذاب الكامل الذي يستأصل شأفتهم لجرى ما ذكره الله تعالى في هذه الآية: ﴿لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال:٦٨].
ومثله قول الله تعالى في هذه الآية التي تجمع بين المرتبتين: العلم، والكتابة: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج:٧٠]، فهذه الآية أشارت إلى المرتبتين كلتيهما.
ويقول تعالى: ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [النمل:٧٥] أي: ما من أمر خفي أو سر من الأسرار سواءً كان في السماوات أو في الأرض إلا في كتاب مبين، فقد أحاط هذ الكتاب بكل شيء، والأدلة في السنة على ذلك كثيرة منها: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) وهذا واضح الدلالة على أن الله كتب ذلك قبل خلق السماوات والأرض.
وأيضًا الحديث الطويل الذي فيه أن النبي ﷺ قال: (ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار -وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة- قال: فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ قال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، ثم قال ﵊: اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل:٥ - ١٠]) وهذا الحديث في صحيح البخاري، والأحاديث والنصوص الواردة في هذا الباب كثيرة جدًا.
11 / 15