172

Уроки шейха Ясера Бурхами

دروس للشيخ ياسر برهامي

Жанры

أهمية العلم بالدين والعمل به في مواجهة الحرب على الإسلام
ولذا يجب على المسلمين أن ينتهزوا الفرصة فيتعلموا كتاب الله وسنة رسوله ﷺ كما جاء بها، فما هو الذي يمنع شباب المسلمين من أن يحفظوا القرآن كله؟! وما يمنعهم من أن يتعلموا حديث رسول الله ﷺ وأن يتعلموا التوحيد والفقه والتفسير؟! فهذه كلها علوم موفرة بحمد الله لمن كان عنده همة وعزيمة لحفظ هذا الدين وبقائه نقيًا كما جاء به النبي ﵊، وذلك من أعظم ما يكون غصة في حلوق الأعداء لا يمكن أن تبتلع، وكالحجر الأصم الصلب الذي لا تمضغه الأضراس مهما أوتيت من قوة، بل هو الذي يكسر الأضراس التي تريد أن تمضغه، وهو الذي يرغمها على أن تلفظه.
وأما انحراف الناس في فهم الدين فهو أيسر طريق إلى أن يمضغ الدين فيكون مثل اللبان الطري الذي يشكل على ما تريده الأضراس ثم يبتلع بعد ذلك، ويكون لقمة سائغة إذا لم يكن أهل الحق ثابتين عليه، كما وصف النبي ﷺ القلوب في آخر الزمان فقال: (تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا، فأيما قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين: أبيض مثل الصفاء) أي: مثل الصخر نقيًا جدًا، في صفاء ونقاء الزجاج وفي صلابة الصخر (لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، وأسود كالكوز مجخيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه).
فالهوى يحركه بحيث يرى الحق اليوم شيئًا ويراه غدًا عكسه بالكلية، وهذه الظلمة في القلوب يجلبها الظلم، وكلما اشتد الظلم زادت الظلمة حتى يكون المرء أشد عمىً من الأعمى، قال تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج:٤٦]، فيقول القول اليوم ويرجع عنه غدًا، ويرى الأمر اليوم منكرًا وغدًا يصبح معروفًا، وبالأمس كان باطلًا فأصبح اليوم حقًا، وكان ظلمًا وصار اليوم عدلًا، وهكذا دائمًا يكون من كان في قلبه ظلمات الجهل والضلال والعياذ بالله، وهو قلب أسود مرباد قذر نجس فيه الإرادات الفاسدة، وهذه صفة اليهود والنصارى، فاليهود عندهم الإرادات الفاسدة، والنصارى عندهم الضلالات الفاسدة والعياذ بالله، كما قال النبي ﷺ: (اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون).
وكل منهم يجمع الغضب والضلال، ذلك أن اليهود علموا الحق وأعرضوا عنه، والنصارى لم يعلموا الحق أصلًا، فالذي قلبه أسود مرباد جمع الصفتين: أسود فهو بظلمات الضلال مرباد قذر، وذلك بفساد الإرادة، فعنده الغي والضلال المنزه عنه أهل الإيمان أتباع رسول الله ﷺ الذي مدحه الله فقال: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ [النجم:٢]، فليس هناك ضلال ولا غي، وإنما هو اعتقاد صحيح وعلم ظاهر نافع حقيقي، وإرادة فيها الإخلاص لله ﷿، يقول ﷺ: (بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا).
فأمر بالمبادرة بالأعمال قبل فتن كقطع الليل المظلم يحتار فيها كثير من الناس، إلا من سبق بالعمل الصالح حتى يتضح له الحق، ويظهر له النور بإذن الله ﵎ من وسط ظلمات الجهل.

15 / 6