Уроки шейха Аби Исхака аль-Хувайни
دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني
Жанры
الإرادة الشرعية والكونية والفرق بينهما
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
قال الله ﷿: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ» [القصص:٥]، الإرادة في هذه الآية: هي الإرادة الشرعية، التي باعثها محبة الله ﷿ ورضاه عن العبد، وهذا هو الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية.
الإرادة الكونية: هي إرادة القهر والغلبة، وهي تشمل كل الخلق؛ مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل:٤٠]، وقوله: ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ [يوسف:٢١] هذه الإرادة الكونية التي لا يجاوزها برٌ ولا فاجر، إرادة القهر والغلبة، وأن الله يفعل ما يريد ويحكم ما يريد، لكن الإرادة الشرعية خاصة بالمؤمنين قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء:٢٦ - ٢٨]، هذه كلها الإرادة الشرعية، ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:٣٣] هذه الإرادة الشرعية، وهي خاصة بالمؤمنين دون غيرهم، فالله ﷿ يقول: «وَنُرِيدُ» [القصص:٥]-التي هي الإرادة الشرعية- «أَنْ نَمُنَّ» [القصص:٥].
الذي له حق المن وحده هو الله: ﴿لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ﴾ [الحجرات:١٧]، لذلك كان جرم المنان من أعظم الجرائم عند الله يوم القيامة، كما قال ﷺ: (ثلاثةٌ لا ينظر الله ﷿ إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليهم: المنان، والذي ينفق سلعته بالحلف الكاذب، والمسبل إزاره خيلاء).
فهذا المنان لماذا عوقب بكل هذه العقوبات؟ لا ينظر الله ﷿ إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذابٌ أليم، لماذا عوقب بهذه العقوبات؟ لأنه نازع الله ﷿، كما قال الله ﵎ في الحديث القدسي: (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، من نازعني فيهما أدخلته النار)، ليس من طبيعة العبد أن يلبس رداء الكبر، هذا اسمه (عبد) ويقال: (طريق معبد): يعني مذلل للأقدام، عبد يلبس رداء الكبر هذا منظر نشاز، إنما المتكبر هو الله، والجبار هو الله، إذًا العبد يلزم موضع قدمه ولا يفارقه، لأن اسمه (عبد) فإذا نازع الله ﷿ في هاتين ألقاه في النار مثل المنان.
ولما قال النبي ﷺ للأنصار: (ألم تكونوا ضلالًا فهداكم الله بي؟ فقالوا: الله ورسوله أمنُّ) فهذا المن من الله ﷿ كائنٌ واقع، وهذه الإرادة وقعت «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا» [القصص:٥]، قال تعالى: «وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا» لمن؟ لهؤلاء المستضعفين ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا﴾ [الأعراف:١٣٧].
أيها الغريب: عدتك الصبر الجميل، وإياك أن تسوي بين فتنة الله وعذابه وبين فتنة العبد وعذابه، فإنه ﴿لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ [الفجر:٢٥ - ٢٦]، ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا﴾ [الأعراف:١٣٧].
11 / 7