223

المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع

المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع

Жанры

وعن يمينه، عام في المسجد وغيره، ويُحمل النهي عن ذلك في المسجد على التحريم (^١)؛ بدليل قوله ﷺ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» (^٢)، فجعل البزاق في المسجد خطيئة مطلقًا، سواء احتاج إلى البزاق أم لم يحتج، بل يبزق في ثوبه، فإن بزق في المسجد فقد ارتكب الخطيئة، فيأثم بفعله، وعليه أن يكفِّر هذه الخطيئة بدفن البزاق (^٣).
قال ابن بطال ﵀: «معنى نَهْيه عن البزاق في القِبلة إنما هو من أجل مناجاته لربه عند استقباله القِبلة في صلاته، ومن أعظم الجفاء وسوء الأدب أن تتوجه إلى رب الأرباب وملك الملوك وتتنخم في توجُّهك، وقد أعلمنا الله تعالى بإقباله على مَنْ توجه إليه» (^٤).
الدليل الثالث: عن أبي هريرة ﵁: «أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ؟ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ، فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا -وَوَصَفَه الراوي: فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ-» (^٥).
وجه الاستدلال: أن في إقبال النبي ﷺ على الناس مُغضَبًا كما جاء في رواية، وتخصيص جهة القبلة بأن نزَّلها منزل الرب تعالى؛ لبيان عِظم الذنب والخطيئة -دليل على تحريم البُصاق جهة القِبلة، وأرشد ﷺ إلى جعله في الثوب صيانة للمسجد عن التقذير بالبُصاق (^٦).
ويُفهم النهي عن البُصاق عن يمينه من أمره بأن يبزق عن يساره أو تحت قدمه أو

(^١) المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ٣٩).
(^٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب كفارة البزاق في المسجد (١/ ٩١) برقم: (٤١٥)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها (١/ ٣٩٠) برقم: (٥٥٢).
(^٣) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ٤١)، شرح أبي داود، للعيني (٢/ ٣٨٧)، مطالب أولي النهى (١/ ٤٨٧).
(^٤) شرح صحيح البخاري (٢/ ٦٨).
(^٥) أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن البصاق فِي المسجد فِي الصلاة وغيرها (١/ ٣٨٩) برقم: (٥٥٠).
(^٦) يُنظر: المفهم (٢/ ١٥٨)، المبدع (١/ ٤٣٦).

1 / 227